عن كل تشنّج أو انفعال ، فليست هناك محرمات أمام أيّ سؤال لأن التحريم يعني سدّ باب المعرفة لدى الناس ممّن لا يملكون الوضوح فيه ، فيتحول الإسلام إلى حالة معينة ، متخلفة بعيدة عن أيّة إمكانات للتقدم والتطوير ، ويجعل الناس يعيشون حالة التعبّد في خطوط الفكر في الوقت الذي يقتصر فيه التعبد على الجانب العبادي وبعض الجوانب العملية في التشريع ، مع بعض الملاحظات التي تتحرك لتتحدث عن أسرار العبادة أو التشريع بطريقة قريبة إلى الوجدان.
إن الله سبحانه يتحدث دائما لنبيه عن أنه أنزل الكتاب عليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ليبين للناس : (وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [النحل : ٦٤] ، (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [إبراهيم : ٤] (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) [النحل : ٣٩]. وذلك يعني أن على النبي أو الإمام أو العالم الداعية ، أن يدخل مع الناس في التفاصيل التي يختلفون فيها فتتعدد آراؤهم حولها ، ليعطيهم الحكم الفاصل في ذاك الموضوع أو ذلك ، لينطلق الناس في المعرفة على أساس من الوضوح في المبدأ والتفاصيل.
إننا نلاحظ في الأسئلة التي بدأها القرآن في هذا الفصل ، أنها لا تقتصر على جانب واحد ، بل تتنوع فيها الموضوعات ، فقد سألوا عن الأهلة ، وماذا ينفقون ، وعن القتال في الشهر الحرام ، وعن الخمر والميسر ، وعن اليتامى ، وعن المحيض ، وعما أحل لهم وأمثال ذلك مما يتصل بملاحظاتهم التأملية ، وبأوضاعهم الإنفاقية والقتالية ، وبما يشربون وما يلبسون ، وبما يطرأ عليهم من حالات جسدية ، وبما يتفشى بينهم من حالة اليتم والحرمان ...
وسألوا عن الساعة وعن توقيتها ، وعن الأنفال من يملكها ، وعن الروح ما هي ، وعن الجبال كيف يكون مصيرها عند نهاية الكون مما يتصل بالجو