يشير إلى ذلك ، فقد سأله هشام عن الصلة التي من أجلها كلف الله العباد الحج والطواف بالبيت ، فقال عليهالسلام «.. أمرهم بما يكون من أمر الطاعة في الدين ، ومصلحتهم من أمر دنياهم ، فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب ليتعارفوا ، ولينزع كل قوم من التجارات من بلد إلى بلد ، ولينتفع بذلك المكاري والجمّال ، ولتعرف آثار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعرف أخباره ، ويذكر ولا ينسى ، ولو كان كل قوم [إنما] يتكلمون على بلادهم وما فيها هلكوا ، وخربت البلاد وسقطت الجلب والأرباح ، وعميت الأخبار» (١).
وهذا ما يؤكد خط التوازن الإسلامي في وعي مسألة الدنيا في حاجاتها والآخرة في غاياتها. فليس هناك تناقض بينهما ، بل إن السير في خط التشريع الإسلامي يضمن للإنسان الدنيا والآخرة ، فتكون الدنيا مزرعة للآخرة ، وتكون الآخرة غاية تحقق للدنيا طهارتها وصفاءها وحركيتها في طريق الله.
* * *
في عرفات .. والمشعر الحرام
(فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) من أعمال الحج أن يقف الناس في عرفات من الزوال إلى الغروب وقفة خاشعة فيها الكثير من العبادة والتأمل والنفاذ إلى أعماق الروح في لحظة صفاء ونقاء ... إنها وقفة الحياة أمام الله تستلهمه وتستهديه وتفتح قلبها أمامه في آلامها وآمالها من أجل أن يلهمها الصواب في ما تفكر ، ويهديها الصراط المستقيم ويجعل لها من أمرها يسرا فيكشف عنها آلامها ويحقق لها أحلامها ...
__________________
(١) الحر العاملي ، محمد بن الحسن ، وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، ط : ٦ ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩١ م ، ج : ٨ ، ص : ٩ باب : ١ ، رواية : ١٨.