ولكن هذا الاتجاه في الروايتين يوحي بوجود منافاة بين آية الصدقة وهذه الآية وآية الزكاة حتى تكون آية الزكاة ناسخة لها ، أو شيئا آخر يختلف عنها ، بينما نجد أن المسألة تمثّل تنوعا يكتفي فيه الإنفاق بالصدقة والزكاة معا في مسألة العطاء الإنساني كقيمة أخلاقية في وحي الله.
وفي ضوء ذلك كله ، نجد في هذه النماذج المتعددة في تحديد المناسبة التي نزلت هذه الآية فيها ، تأكيدا على أن أسباب النزول كانت تمثل لونا من ألوان الاجتهاد الذاتي ، الذي يستوحيه هذا الراوي أو ذاك ليحوله إلى رواية عن الواقع القرآني في زمن الدعوة ، مما يجعلنا لا نجد في الكثير من روايات أسباب النزول منطلقا للفهم القرآني في الاستيحاء والتفسير.
* * *
السؤال باب للمعرفة والعمل
كان المسلمون يسألون النبي عن بعض القضايا التي تشغل تفكيرهم في تفاصيل بعض الواجبات أو المحرمات ، وكانت ـ في غالبها ـ كما ينقل عن ابن عباس ـ خفيفة لا تعقيد فيها ، عملية لا ترف فيها ولا تكلف ، انطلاقا من شعورهم بأن دور السؤال هو أن يحل للإنسان مشكلة يواجهها في حياته العقيدية أو العملية. فإذا لم تكن هناك مشكلة مطروحة في ساحة اهتماماته الطبيعية ، فلا معنى لأن يبادر بالسؤال الذي يتحول إلى تكلف لا فائدة فيه ، وعبث لا معنى له ، وإضاعة لوقت السائل والمسؤول في ما لا جدوى منه ...
وهكذا نفهم الدور المطلوب للسؤال في الإسلام ، أن يكون نافذة فكرية تطل على ما ينبغي للإنسان معرفته من شؤون الكون والحياة في ما يتعلق بأمر الدنيا والآخرة. وهذا ما نستوحيه من الحديث القرآني عن الأسئلة التي لا يريد