الله للإنسان أن يخوض فيها لأنها لا تتصل بالمعرفة المرتبطة بالمسؤولية ، فلا تضيف للإنسان جديدا في حياته كقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها) [النازعات : ٤٢ ـ ٤٥]. فقد أغلق القرآن باب السؤال عن توقيت يوم القيامة ، لأنه لا يعود بفائدة عقيدية أو عملية ، لأن من واجب الإنسان الاستعداد لها بعيدا عن أي توقيت معين من خلال مسئوليته أمام الله ، كما أن مهمة النبي هي الحديث عما يحدث فيها لا عن وقتها الذي قد لا يكون محيطا بعلمه ، كما توحي به بعض الآيات التي تقول : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) [الأعراف : ١٨٧] ونلاحظ ذلك في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ) [المائدة : ١٠١]
وفي بعض الأحاديث التي تقول : «سل تفقها ولا تسل تعنتا» (١). وفي الجانب المقابل ، نجد أمامنا قول الله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل : ٤٣].
وهكذا نستوحي الدور الإسلامي للسؤال الذي يجب أن يكون نافذة للمعرفة المتصلة بالعقيدة والعمل والحياة.
وكان النبي يستجيب لكل ما يوجه إليه من أسئلة ، فلم يكن ليضيق في الردّ عن أي سؤال مما يريد المسلمون معرفته ، لأنه يشعر أن مهمته الأساسية هي أن يعلم الناس الكتاب والحكمة في ما يجهلونه من شؤونهما المتصلة بحياتهم. ولكنه كان دقيقا في الإجابة من موقع رسالته ، فيختار الجواب الذي يتناسب مع حاجاتهم ، وإن كان بعيدا عن النص الحرفي للسؤال ، لأن دوره هو دور الموجّه للسائل ؛ فيوحي له ـ من خلال الجواب ـ بما ينبغي له أن يسأل
__________________
(١) البحار ، م : ١٨ ، ج : ٥٤ ، ص : ١٣ ، باب : ١.