الكافرين في مواجهتهم للنبي من خلال معطيات الكفر والصد عن سبيل الله ـ ولذلك ذكر هذه المشاقة في سياق صفات الكافرين ـ وذلك بإعلان الحرب عليه ، والابتعاد عن دينه ، والمخالفة له في العقيدة والشريعة والاستهزاء. وأما الفقرة التي تليها فإنها تتحدث عن ضرورة الانسجام مع خط الإيمان بإطاعة الله ورسوله ، وعدم الانحراف عن هذا المنهج الإيماني الذي قد يؤدي إلى بطلان الأعمال من خلال انهيار القاعدة الأساسية للأعمال ؛ والله العالم.
أمّا الحديث عن الحسد في أكله للحسنات ، فقد يكون ناشئا من الروحية التي تتمثل في الحاسد الذي قد ينطلق إلى القيام بكثير من الأعمال الباغية التي قد تطغى على حياة الإنسان ، بحيث لا تكون هناك أية قيمة لما قام به من الأعمال الصالحة أمام ما يقع فيه من الأعمال السيئة ، حتى كأنها لا شيء ، وذلك بأسلوب الكناية أو المبالغة. وهكذا لا نجد في مثل هذه الشواهد دليلا على ما ذكره من إبطال بعض السيئات للحسنات ، وربما كان السبب في بعض هذه التفاسير التعامل مع النص بحرفيته ، لا بإيحاءاته وأساليبه البلاغية القائمة على الكناية تارة وعلى المبالغة أخرى ، والله العالم.
* * *
بين الردة والموت كافرا
٣ ـ لا شك أن المسلمين متفقون على أن الردة تحبط العمل وتفسده ، ولكن هل يحدث ذلك بمجرد الردة ، فلا قيمة للعمل حتى لو آمن بعد ذلك ، أو أنه مشروط بالموت كافرا؟ ذهب الشافعي إلى أن إحباط الردة للعمل مشروط بالموت كافرا ، وذلك من خلال الآية الكريمة في قوله تعالى : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) فلا إحباط للعمل إذا تبدل الكفر قبل الموت بحيث مات مؤمنا.