وقد ختم الله له الآية بقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) للإيحاء بأن رعاية الله له لهذا الوحي كانت بإيجاد المصلح الذي يرد الوصية إلى الخط المستقيم في الصلاح والإصلاح ، من موقع المغفرة والرحمة اللّتين يمنحهما الله لعباده الصالحين إذا أذنبوا ، فكيف هو الحال إذا أصلحوا ولم يكن هناك ذنب!؟
* * *
الإيحاءات والدروس
إننا نستوحي من مبدأ الوصية في هذه الآيات أمورا :
١ ـ إن الإسلام يريد أن يركز على مسئولية المسلم في الاهتمام بأمور الآخرين ـ لا سيما أقربائه ـ فيفكر بأمورهم في حالة الحياة وفي ما بعد الموت ، ويعمل على تحويل التفكير إلى ممارسة عملية حقيقية بما يوصي به إليهم من مال ليضمن لهم نوعا من كرامة الحياة في ما بعد الموت.
٢ ـ إن في اعتبار هذا التوجه مظهرا من مظاهر التقوى دلالة على أن قضية التقوى في الإسلام لا تتصل بالجانب الروحي العبادي فحسب ، بل تتسع لتواجه حسّ المسؤولية في الإنسان تجاه أخيه الإنسان في الحياة وفي ما بعد الموت ، مما يؤكد على تنمية الجانب الإنساني للشعور في أعماق الإنسان.
٣ ـ ربما نستوحي من فقرة (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) : أن الله يريد للإنسان أن يستفيد من الفرصة الأخيرة في الحياة ليتقرّب إليه من خلال عمل الخير للناس الذين يحتاجون إليه ممن كانوا السبب في وجوده ، أو الذين يرتبطون به برابطة الرحم من خلال إيحاءات القرابة التي تفتح كل مشاعر الخير في نفس الإنسان في الأجواء الحميمة المنسابة في روحه ، الأمر الذي يجعله يفكر بطريقة