التي تتحدث عن التبديل بعد الموت ، باعتبار أن التصرف من صلاحية الوصي. أمّا حالة ما قبل الموت ، فلا يملك الوصي أيّة صلاحية فيها.
ولكن دراسة الآية بدقة ، توحي بالمعنى الأول ، لأنها واردة في تخطيط خط الوصية في ما هو تكليف الموصي في ما ينبغي أن يوصي به مما لا يتناسب مع خط الجور أو الظلم ، فإذا انطلق في هذا الاتجاه الذي يثير الخصومة والنزاع ، فإن للوصي ـ باعتبار علاقته الأكيدة بالموضوع لأنها مهمته في المستقبل ـ أن يتدخل للإصلاح من موقع الإصلاح ، لا من موقع السلطة ليقال ـ كما سبق ـ إنه لا يملك صلاحية في الموضوع. وهذا التفسير هو المروي عن الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام في ما ذكره صاحب مجمع البيان (١) ...
وقد جاء في كلمة الإمام علي عليهالسلام في نهج البلاغة : «يا بن آدم كن وصيّ نفسك واعمل في مالك ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك» (٢).
إنها توحي بأن الإنسان قد يفكر بالخير في وصيته بماله بعد الوفاة سواء أكان ذلك في ما يتعلق بقضاياه الخاصة في عباداته أو معاملاته أو صدقاته ، أم في ما يتعلق بالآخرين ، وهذا عمل جيّد يدلّ على روح الخير في نفسه. ولكن هناك مسألة مهمّة في عمق القيمة الروحية الأخلاقية في النظرة الواقعية إلى الأمور ، فإنه عند ما كان يوصي بماله بعد الموت ، كان يودّع الحياة ويبتعد عن كل علاقة له بالمال ، مما لا يجعله يواجه تضحية كبري بإنفاقه في الخير لنفسه أو للآخرين ، ولكنه عند ما ينفقه في الحياة مع امتداد الأمل بالبقاء ، فإنه يضحي به في الوقت الذي تكبر حاجته إليه ويعيش الارتباط به ، الأمر الذي يؤكد عمق القيمة الإيمانية الروحية في الإخلاص لله في عمله.
__________________
(١) الطبرسي ، أبو علي ، الفضل بن الحسن ، مجمع البيان في تفسير القرآن ، دار المعرفة ، بيروت ـ لبنان ، ط : ١٤٠٦ ه ـ ١٩٨٦ م ، ج : ١ ، ص : ٤٨٥.
(٢) ابن أبي طالب ، الامام علي عليهالسلام ، نهج البلاغة ، قصار الحكم / ٢٥٤.