فلهذا أراد الله أن يثير القضية في نطاق عذاب الآخرة ، كوسيلة من وسائل التنفيذ الحاسمة. (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) لا يعزب عن سمعه وعلمه أي شيء مما يخوض الناس فيه في ما يريدون وما يفعلون ... وفي الآية دلالة على أن الميت لا إثم عليه في تبديل الوصي للوصية ، لأنها مسئولية الوصي لا مسئوليته.
(فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ربما تفسر هذه الآية بما قبل موت الموصي ، وذلك في الحالة التي يتصرف الموصي تصرفا جائرا ـ وهو معنى الجنف ـ أو منحرفا عن خط الحق ـ وهو معنى الإثم الذي يوحي بتعمد الظلم ـ فإن للوصي أن يتدخل لإصلاح الأمر بين الموصي وبين الوالدين والأقربين ، وذلك بإرجاعه عن الخطأ وإعادته إلى الحق ، لئلا يحصل الخصام والنزاع من جراء ذلك ، كما نشاهده في بعض الأوضاع الخاصة ، عند ما يحاول الموصي أن يحرم بعضا ويعطي بعضا كنتيجة لبعض الدوافع الذاتية.
وربما تفسر بما بعد الموت ، وذلك على أساس الاستثناء من حرمة التبديل ، فإن للوصي أن يبدل الوصية من حالة الباطل إلى حالة الحق ، لأن الإثم هو في تغيير الوصية المنسجمة مع خط الحق ، لا المنحرفة عنه.
كما إذا كانت الوصية بما يزيد على الثلث للورثة ، فللوصي إرجاعه إلى الثلث إذا رفض الورثة ذلك ، أو إذا أوصى بتوزيع جميع ثروته على غير الورثة الشرعيين ، فلا بد من ردها إلى الثلث ، وإذا كان في الوصية ما يؤدي إلى الظلم كإعانة مراكز الفساد أو فعل حرام أو ترك واجب ، أو إذا أدت الوصية إلى نزاع أو فساد يوجب إزهاق الأرواح ، فللوصي أن يتدخل لمنع ذلك بنفسه أو بالاستعانة بالحاكم الشرعي.
وربما يوحي سياق الآية بالتفسير الثاني ، لأنها وقعت بعد الآية الأخرى