ونتضرع إليه؟! إذ إن الله يريد الأشياء بأسبابها ويحرك مصالحنا في اتجاه هذه الأسباب المادية والروحية ، ونحن نطلب منه لأنه أراد منا ذلك.
* * *
إجابة الله دعاء عباده
(وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي) في قلق المعرفة وحيرة الفكر ، انطلاقا من عالم الغيب الذي لا يملكون السبيل إليه بطريقة حسية ، ومن علوّ الألوهية وسموّها وارتفاعها في آفاق العظمة التي لا يدركون كنهها وحقيقتها ، ولا يعرفون الوسيلة التي ينطلق فيها الإنسان إلى ربه ، والعلاقة التي تربطه به في حاجاته التي يتطلبها ، وفي مشاعره التي يحس بها ، وفي تطلعاته التي يهفو إليها ، ولا يدرون كيف يتحدثون معه ، ويصلون إليه ، وهو البعيد عنهم بعد السماء عن الأرض في الغموض الكثيف الذي يلف السماء في مفهومها الطبيعي في أفكارهم ، الأمر الذي يخيل إليهم أنه لا مجال لأية صلة بينهم وبينه ، لأنها تنطلق من مواقع القرب المكاني الذي لا دور له هنا ، والمعنوي الذي لا مجال له بين العبد في حقارة موقعه وبين الرب الذي هو في العلو الأعلى الذي ليس فوقه شيء.
ولكن الله ، الذي يعلم عمق أسرار عباده ، ودقّة أحاسيسهم ، وضبابية الغيب في تصوراتهم ، وقلق المعرفة في دائرة الحيرة في علامات الاستفهام الكامنة في ذواتهم ، أراد أن يستبق السؤال ـ في حال صدوره منهم ـ بالجواب عن السؤال المتحرك في وجدانهم الخفي. وهذا هو الفرق بين أسلوب السؤال هنا ، وأسلوب السؤال في الأسئلة التي يقدمها الناس إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، مما حدثنا الله عنه بعنوان (يَسْئَلُونَكَ) لأن هذا السؤال كان في الأعماق ، وفي همسات النفس ، وهواجس الفكر بحيث يمثل علامة استفهام جنينية ، فهو