وهذا هو الإيحاء الإيماني الدائم ، الذي يوحي به الله للإنسان ، ليكون على وعي دائم لنفسه ولحركته في الحياة في الدنيا والآخرة ، بعيدا عن أية حالة غفلة أو نسيان.
وهناك نقطة ثانية ، لا بد من الانتباه إليها ، وهي أن الدعوة إلى التفكير التي تشمل العمل على أساس الوصول إلى معرفة حكمة التشريع وعلل الأحكام ، توحي بأن الإسلام لا يريد للإنسان أن يبتعد عن السعي للتعرف على المفاهيم الإسلامية والعقائد الإيمانية والأحكام الشرعية ، وذلك كي يصل إلى حقائقها وأسرارها بالفكر العميق ، ليزداد بذلك إيمانا وهدى ، فلا يكلف الإنسان الإنفاق من ضرورياته المعاشية ، بل يكفيه ـ في إطاعة هذا التشريع ـ أن ينفق مما يزيد عن حاجاته الأساسية ، وبذلك كان الإسلام منسجما مع الطبيعة البشرية التي قد لا تستجيب للإيثار دائما ، وإن كانت قد تسير معه في بعض مراحل الحياة. وقد كان ختام الآية دعوة للتفكير في آيات الله التي يبينها للإنسان ، ليفكر فيها فيهتدي بها إلى سواء السبيل.
* * *
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى)
(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) كيف تكون علاقاتهم معهم ، في ما يفعلونه في أموالهم وتربيتهم ورعايتهم؟ فقد كانوا يمثلون مشكلة أساسية في الضمير الديني للإنسان المسلم ، فقد يتحرّج الكثيرون من التعامل معهم خوفا من الإثم.
فقد جاء في الدر المنثور ، قال ابن عباس : لما أنزل الله (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الأنعام : ١٥٢] و (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى)