الحالة الاقتضائية المنفتحة على النتائج بشكل عام ، ولكنها قد تصطدم ببعض الموانع التي تمنعها عن التأثير في المقتضى بدرجة فعلية. وهذا ما يجعلنا نؤكّد أن الأخلاق في الإسلام لا تمثل قيمة إيجابية ، بل تمثل قيمة سلبية قابلة للتغير في حركتها في الواقع الإنساني تبعا للعناوين الثانوية الطارئة التي تختلف الأحكام الشرعية باختلافها.
ولا بد في هذه الحالة من التدقيق كثيرا في المواقف والقضايا قبل الدخول في عملية الموازنة بين الأحكام ، لأن المسألة تحتاج إلى وعي عميق واسع في فهم أسس الحكم الشرعي وفي فهم الواقع الذي يتحرك فيه ، ولا يمكن إخضاعها للأفكار السريعة الانفعالية في مواجهة الواقع في ضغوطه العملية على حركة الإنسان في الحياة.
* * *
صراع المسلمين مع قوى الكفر مستمر
٣ ـ إن الآية توحي للمسلمين بأن عليهم أن ينطلقوا في الحياة على أساس وعي الحقيقة التالية ، وهي أن قوى الكفر والشرك تخطط لإخراج المؤمنين عن دينهم بكل الوسائل والقدرات التي يملكونها ، بحيث انهم يبادرون إلى الدخول في قتال مستمر لتحقيق هذه الغاية ، (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا) فلا بد لهم من أن يستعدوا لمواجهة هذه الخطط بالوسائل الوقائية والدفاعية ، ليحفظوا إيمانهم الذي يمثل القاعدة الصلبة لنجاتهم في الدنيا والآخرة ، لأن القضية التي يعالجها القرآن ليست قضية تاريخية تخضع للظروف المحدودة الموجودة في التاريخ ، بل هي قضية مستمرة ما دام هناك كفر وإسلام ، وحق وباطل ، وما دامت التحديات تفرض نفسها على الساحة ، مما يجعل من هدف إضعاف الكفار للدين بإضعاف