التحريم ، ولكن بطريقة إيحائية بلحاظ الفقرة الأخيرة (وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما) بالتقريب الذي ذكرناه ، ولكننا لا نوافقه على إنكاره إرادة الضرر من كلمة الإثم ، باعتبار أن مقابلته بالنفع لا يصلح أن يكون قرينة على ذلك ، مع عدم إمكان إرادته من الآيات التي ذكرها. فإننا لا ندعي أن كلمة الإثم مرادفة للضرر ولكنها ـ كما ذكره العلامة الطباطبائي في تفسير الآية ـ : «حال في الشيء أو في العقل يبطئ الإنسان عن نيل الخيرات» وبذلك فإن مصداقها يختلف حسب اختلاف موارد استعمالاتها ، فقد يراد منها الضرر كما في هذه الآية ، وقد يكون المراد منها المعصية أو الذنب الذي يستحق العقوبة ونحو ذلك. فالمعنى واحد ، ولكن حركته في الموارد متنوعة ، وقد بينا في ما ذكرناه آنفا ، الوجه في حمل الكلمة على معنى الضرر ، كما أننا لا نوافقه في تقدم آية الأعراف تاريخيا على آية البقرة ، بل الظاهر العكس ، كما ذكرناه.
إن الآية توحي بالتحريم ولكنها لا تدل عليه بشكل صريح ، فهي أسلوب تربوي من أساليب إعداد النفس لتقبل التحريم ، بإثارة الأجواء الفكرية الداخلية للانفتاح عليه ، كما لو كان أمرا طبيعيا يختاره الإنسان بنفسه.
* * *
الآية في مستوى القاعدة الفقهية
وقد نستطيع استيحاء هذه الفقرة ، لتكون قاعدة فقهية تقتضي تحريم كل ما كان ضرره أكبر من نفعه ، حتى لو لم يرد فيه نص ، باعتبار أن القضية قد تكون عقلية يحكم العقل بها ، ويدرك وجود الملاك الشرعي للتحريم في مواردها ، لقبح ارتكاب ما يكون ضرره أكثر من نفعه ، لأنه ظلم للنفس على