عنه ، لا بما يحب أن يعرفه. وهذا ما نستشعره من الجواب النبوي الذي علمه الله لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنه أجاب عمن يلزمهم الإنفاق عليهم من الوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل ، بدلا من الجواب عما سألوا عنه مما يلزمهم الإنفاق منه من أنواع الطعام ، فقد نلاحظ أنه مر بها مرورا خاطفا ، ولم يتوقف عند التفاصيل ، فقد يكون الأساس في ذلك هو الإيحاء إليهم بأن نوع الطعام الذي يقدم ليس مشكلة تبحث عن حل ، باعتبار أنه لا يقدم ولا يؤخر شيئا في هذا المجال ما دام خيرا ونافعا ، بل القضية هي نوعية الناس الذين يتصدق عليهم ، من حيث علاقاتهم القريبة به التي تجعل من صلته لهم صلة رحم ، ومن حيث حاجتهم التي تجعل من صلتهم إنفاقا في حل المشكلة الاجتماعية ؛ فإذا خلا الأمر عن هذين النحوين ، أصبح شيئا لا معنى له أو لا منفعة له. ولذا كان التركيز الكبير على ذلك باعتبار أنه هو الخير ، لأن كون الإنفاق خيرا لا يتصل بطبيعة المال الذي ينفقه ، بل يتصل بطبيعة الحالة أو المشكلة التي عالجها ، والإنسان الذي أعانه ..
ثم انطلقت الآية في أسلوب تشجيعي للخير القائم على الإنفاق في موارده التي يحبها الله ، لتقرر الحقيقة الإلهية في قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) [البقرة : ٢٧٣] ، الأمر الذي يوحي إلينا بالاندفاع في هذا الاتجاه ، لأنه لا يضيع عند الله الذي يعلم ما نعمل بكل دوافعه ونتائجه الخيّرة.
* * *
من هو الأولى بالإنفاق؟
(يَسْئَلُونَكَ) يا محمد في حركة المعرفة التفصيلية في وجدان المسلمين الذين اتبعوك وتابعوا معك الوحي الإلهي في العقيدة والشريعة والحياة ، وواجهوا ـ من خلال ذلك ـ أكثر من علامة استفهام حول هذا