الموضوع ، أو هذه القضية ، أو ذاك الواقع ، ليحصلوا على الطمأنينة الفكرية الوجدانية أمام الأسئلة الكثيرة عندهم ، (ما ذا يُنْفِقُونَ) من أنواع الأموال التي يملكونها في حياتهم من ألوان الطعام والشراب والألبسة والنقود وغيرها؟ هل هناك شيء معين يلتزمونه في إنفاقاتهم؟ وهل هناك فريضة محددة في نوعية خاصة منها؟ لأنهم يريدون أن تكون التزاماتهم العملية ـ حتى في العطاء ـ خاضعة لتعليماتك الرسالية التي تمتد إلى كل شؤون الإنسان في الواقع. (قُلْ) لهم ـ يا محمد ـ جوابا عن هذا السؤال الذي لا يختزن في داخله أية أهمية في المفهوم الإنساني لقضية العطاء ، إنه من الطبيعي أن ينفق الناس مما لديهم من الأموال التي تمثل حاجات الناس المتنوعة ، ليكون الإنفاق على كل شخص بما يحتاجه في حياته الخاصة بالطريقة المألوفة في هذا السلوك الإنساني الذي يتصل بالآخرين ، إلا أنّ الأهمية لتحديد الناس الذين نعطيهم من خلال تحديد الأولويات في الإنفاق ، لأننا لا نملك الإنفاق على كل الناس ، فهناك الناس الذين لا يجدون أيّة فرصة للحياة الكريمة وتأمين ما يحتاجونه من الطعام والشراب واللباس والمسكن وغيرها ، لأن أبواب الحياة أغلقت عليهم ، ولأن الطرق التي يتحركون عليها إلى حاجاتهم سدّت في وجوههم ؛ وهكذا عاشوا في حصار الظروف القاسية الخانقة التي منعتهم من أن يتنفسوا الهواء الطلق الذي يكفل لهم استمرار الحياة فالسؤال ينبغي أن يكون عمن هو الأولى بالإنفاق بين الناس ، ولذلك كانت الحكمة الإلهية توحي إليك بالجواب عن السؤال الذي ينبغي لهم أن يسألوه ، لا عما سألوه.
(ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ) من المال الذي تملكه وتعطيه ، ليتحول إلى خير للناس لأنه يلبّي لهم حاجاتهم ، ويحقق لهم مشتهياتهم ، ويبلغ بهم أهدافهم من أي نوع من هذه الأنواع التي تمثل حاجة الناس باعتبار أن الخير هو عنوان العطاء في دلالاته الروحية المنفتحة على إنسانيته القيّمة في خط التكافل الاجتماعي لرعاية الحالات الصعبة أو المتصلة بالعاطفة الإنسانية.