الأهداف ـ وقد تحدثنا بعض الحديث عن هذه الفقرة في ما تقدم من أحاديث هذا التفسير في آية سابقة ـ.
(فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) فليس الزلل ، عند انسجامكم في خطوات الشيطان ، ناشئا من جهل أو عدم وضوح في الرؤية ؛ فقد قامت الحجة عليكم من الله في ما أقامه أمامكم من بيّنات ودلائل ، بما منحكم من عقول ، وربما أرسله إليكم من رسالات. وبذلك كان الخطاب إليهم بأن عليهم مواجهة الحقيقة الحاسمة ، وهي (أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ) لا يستطيعون الانتقاص من عزته مهما عملوا وانحرفوا ، (حَكِيمٌ) لم يترك الأمور لتسير في أجواء العبث والفوضى ؛ بل جعل لكل شيء ـ ثوابا كان أو عقابا ـ حدا لا يتجاوزه في ما يفعل أو يدع.
* * *
المنحرفون ... ماذا ينتظرون ليستقيموا؟
(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ). ماذا ينتظر هؤلاء المنحرفون الذين زلت بهم القدم ليستقيموا؟! فقد جاءتهم البيّنات التي تشير إلى خط الاستقامة مما يحقق لهم القناعة لو أرادوها ، فما ذا يريدون؟ هل ينتظرون العذاب ، الذي جاء ذكره هنا على سبيل الكناية ، لأن العذاب كان ينزل على الأمم السابقة من خلال النار التي تنزل عليهم من السماء ، أو من خلال العواصف والصواعق التي تتمثل فيها كل ألوان العذاب؟
أما التعبير بإتيان الله ، فقد يكون المراد منه إتيان أمره وإرادته ، أو إتيانه بلحاظ وجوده الحاضر في الكون ، باعتبار أنه المظهر لوجوده ، لأن كل الوجود