الإيمان في قلوبهم إخلاصا.
أما المؤمنون المخلصون ، فهم موضع عناية الله ورعايته وهدايته ، لأنه اهتدوا بهداه وأخلصوا له الإيمان : (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ) ، فلم تكن المسألة عندهم موضع شبهة ، بل كانت تملك الوضوح كله من خلال طبيعة الوضوح في الآية ، وفي خط الرسول ، وفي حركة الرسالة على صعيد النظرية والتطبيق. وهكذا اكتشفوا الحق في ذلك كله ، فلم يقع بينهم أي اختلاف فيه. وتلك هي سنة الله في عباده ، فإنه يمنح الذين يعيشون الهدى في وجدانهم ، والإخلاص في إيمانهم ، والقدرة على الاهتداء التفصيلي في ألطافه التي يتفضل بها عليهم وفي الإشراقة التي يفتح بها عقولهم. وهذا ما أشار إليه في قوله تعالى : (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو الصراط الذي يمثل الحق في العقيدة والشريعة والمنهج وفي حركة الحياة.
ويمكن أن نستوحي من هذه الآية عدة نقاط :
* * *
التشريع يشمل كل مجالات الحياة
١ ـ إن الرسالات الإلهية لم تنزل لتعرّف الناس شؤون العبادة والأخلاق العامة ، بل نزلت لتكون حكما بين الناس في ما اختلفوا فيه من أمور الحياة الخاصة والعامة ، سواء كان ذلك في نطاق العلاقات الشخصية أو في نطاق العلاقات الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية أو غيرها ، مما يدحض الفكرة القائلة بأنّ الدين علاقة شخصية بين العبد وربه ، فلا تتحرك في حياة الناس العامة ، بل تنحصر في نطاق الذات وفي أجواء المعبد. فإن طبيعة الدور الذي