أما تعليقنا على ذلك ، فهو أن الأمر بالتقوى ، انطلاقا من العلم بأنه شديد العقاب ، أسلوب قرآني درج عليه القرآن في ما يريد الله أن يثيره أمام الإنسان من قضايا الحياة والتشريع ، ليقف الإنسان فيه عند حدود الله من موقع النفس التقية التي تراقب الله وتخاف عقابه. أمّا مناسبة ذلك ، هنا ، فهو الحديث عن تفصيلات تشريع الحج والعمرة من إتمامها ، والحديث عن الحكم في حالة الإحصار وفي حالة الأمن ، وعن الحكم في حج التمتع في حالة التمكن من الهدي والعجز عنه ، فإن ذلك كله مما يوحي بالحاجة إلى الانضباط والالتزام والتقوى في حدود هذه الأمور ومواردها الشرعية ، ويكفي ذلك مناسبة.
* * *
(فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ)
(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) الأشهر التي يجوز فيها الإحرام للحج ثلاثة : شوال وذو القعدة وذو الحجة ـ في العشر الأول منه ـ (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ) فإذا فرض الإنسان فيها على نفسه الحج بالإحرام ، فيجب عليه أن يلتزم بمحرمات الإحرام التي تقف في مقدمتها هذه الثلاثة التي فسّرت في السنّة الشريفة ، (فَلا رَفَثَ) الذي كني به عن الجماع ، (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) الذي فسر بالكذب ، (وَلا فُسُوقَ) الذي فسر بقول : لا والله وبلى والله ، وذلك لأهميتها في المجال التربوي في حياة الإنسان.
(وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ) وختمت هذه الآية بالتذكير بأن الأعمال الخيّرة التي يقوم بها الإنسان لا تغيب عن علم الله الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرّة ، وذلك من أجل أن يشعر بالحاجة إلى الإخلاص في عمله عند ما يحس بأنه موضع رقابة الله. ومن أجل أن يعينه ذلك على الاستمرار والزيادة ،