تخييريا ، وكان المسلمون مخيرين بين الصوم والفدية ، ثم نسخ ذلك بعد أن تعوّد المسلمون على الصوم فأصبح واجبا عينيا. وهو خلاف الظاهر.
* * *
ما معنى نزول القرآن في شهر رمضان؟
(شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ).
في هذا التأكيد القرآني على نزول القرآن في شهر رمضان ، في هذه الاية ، وفي تحديد ليلة القدر في سورتي الدخان والقدر ، إيحاء بأن عظمة هذا الشهر مستمدة من مناسبة نزول القرآن فيه. وقد اختلف الحديث في تحليل نزول القرآن في هذا الشهر ، فهناك من ذكر أن المراد به أول نزوله ، وهناك من ذكر أنه النزول إلى اللوح المحفوظ من البيت المعمور ، وهناك من حاول أن يجعل من مفهوم الكتاب معنى غامضا لا نستطيع إدراكه ، فهو الذي نزل على قلب النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم دفعة واحدة ثم نزل عليه تدريجيا. وقد كان السبب في هذا الاختلاف ، ظهور هذه الاية وغيرها في نزوله دفعة ، بينما الاية الكريمة تنص على أنه نزل تدريجا : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً) [الفرقان : ٣٢] والاية الأخرى (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً) [الإسراء : ١٠٦].
كما أنّ هناك وجها آخر لهذا الاختلاف ، وهو أن النزول والبعثة كانا في موعد واحد ، مع أن المعروف أن البعثة كانت في السابع والعشرين من شهر رجب وأن أول ما أنزل : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق : ١] فكيف يمكن التوفيق بين الاية وبين ذلك؟!