الذي قد يوجهه الكافرون من إثارة النقاط السلبية في بعض المفاهيم أو التشريعات الإسلامية ، مما قد يجعل الدعاة والمبلغين في موقف حرج شديد الصعوبة ، عند ما يجدون صحة هذا النقد في واقع الإسلام في مفاهيمه وأحكامه ، ولكننا ـ أمام الملاحظة المذكورة ـ نجد أن اعترافنا بوجود السلبيات في التشريع أو في المفهوم الإسلامي ، لا يعني سقوط التشريع أو خطأ المفهوم ، لأن ذلك يمثل واقع الحياة في كل حقائقها الفكرية أو العملية ، ولذلك فإن علينا مواجهة المسألة بالحديث عن الإيجابيات الكامنة في داخل الحقيقة الإسلامية ، مع غلبة هذا الجانب الإيجابي على الجانب السلبي. وبهذا نتفادى الكثير من المآزق الجدلية ومن ضعف الموقف ، لنحوّله إلى مأزق للآخرين وإلى موقع قوة يرتكز على النظرة العلمية الموضوعية للأشياء والمواقف.
* * *
العفو من الإنفاق
(وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) : جاء في الدر المنثور في قوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) عن ابن عباس : «أن نفرا من الصحابة ، حين أمروا بالنفقة في سبيل الله ، أتوا النبي فقالوا : إنا لا ندري ما هذه النفقة التي أمرنا بها في أموالنا ، فما ننفق منها؟ فأنزل الله (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) وكان قبل ذلك ينفق ماله حتى ما يجد ما يتصدق به»(١).
وسألوه عما ينفقون من أنواع الأطعمة والألبسة والأموال ، فلم يحدد لهم شيئا في الجواب ، لأن تعيين ذلك لا يمثل شيئا في حساب القيمة الأخروية عند
__________________
(١) الدر المنثور ، ج : ١ ، ص : ٦٠٧.