موضوعية متوازنة بعيدة عن كل نوازع الطمع والجشع والذاتية ، لأنه سوف يفارق المال كله والحياة كلها بعد قليل فيفقد كل شيء ، بينما توحي الوصية إليه الفرصة الإلهية في الحصول على العفو والمغفرة والرحمة في عمل الخير.
٤ ـ إن الله لم يعط الإنسان كل الحرية في الوصية ، بل حدّد له الثلث كحدٍّ أقصى حتى لا يجور على ورثته ، فيتركهم في فقر وحاجةِ يسألون الناس إذا تجاوز ذلك فخص بعضهم بالمال كله أو أوصى به للمشاريع العامة أو لبعض الناس الذين تربطه بهم علاقة خدمة أو إحسان أو نحو ذلك ، فللورثة أن يرفضوا الزيادة على الثلث ، فتبطل الوصية في الثلثين. وواضح ما في هذه النظرة من مراعاة كلا الطرفين : الموصي ، والموصى لهم.
فالإجازه للموصي بالتصرف بثلث التركة يشبع لديه الحاجة إلى التصرف في تركته في السياق الذي يلبي شعوره بالواجب وإحساسه بالمسؤولية ، فضلا عن إشباع رغبته وأحلامه ، فلا يحرم ـ لذلك ـ من التصرف بماله في ما بعد الموت. وأما ترك الثلثين للموصى لهم فيندرج في سياق إعانتهم على تلبية حاجاتهم ومعالجة قضاياهم الخاصة. وقد جاء في الحديث عن الإمام محمد الباقر عليهالسلام أنه قال : «من عدل في وصيته كان بمنزلة من تصدق بها في حياته ، ومن جار في وصيته لقي الله يوم القيامة وهو عنه معرض» (١).
وربما كان المراد بالجور هو الوصية بأكثر من الثلث ، أو بالمقدار الذي يخلق للورثة مشكلة في حياتهم لحاجتهم المال الذي أوصى به.
٥ ـ إن الوصية ليست ملزمة لصاحبها ما دام في الحياة ، فله أن يرجع عنها أو يغيرها بأي نحو كان ، فلا حق لأحد عليه في ذلك.
٦ ـ إن على الإنسان أن يوصي بكل الواجبات والمسؤوليات المترتبة
__________________
(١) البحار م : ٣٧ ، ج : ١٠٠ ، ص : ١٢٩ ، با : ٥٤ ، رواية : ١٧.