ينهاه. وبذلك يكون هذا الصوم الصغير مقدمة للصوم الكبير ، وذلك يتوافق مع ما ورد به الحديث الشريف : «رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش ، ورب قائم حظّه من قيامه السهر ..»(١) ، فيمن لا يمنعه صومه من الممارسات المحرمة الأخرى في شهر رمضان وفي غيره.
(أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) هناك قولان في المقصود بهذه الأيام :
أحدهما : إنها غير شهر رمضان ، وكانت ثلاثة أيام من كل شهر ، ثم نسخ ، عن معاذ وعطا وعن ابن عباس وروي ثلاثة أيام من كلّ شهر وصوم عاشوراء ، عن قتادة. ثم قيل : إنه كان تطوعا. وقيل : بل كان واجبا. واتفق هؤلاء على أن ذلك منسوخ بصوم شهر رمضان.
والآخر : إن المعني بالمعدودات هو شهر رمضان ، عن ابن عباس والحسن واختاره الجبائي وأبو مسلم ، وعليه أكثر المفسرين ، قالوا : أوجب سبحانه الصوم أولا فأجمله ، ولم يبين أنها يوم أو يومان أم أكثر ، ثم بيّن أنها أيام معلومات وأبهم ، ثم بيّنه بقوله : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) ، قال القاضي : وهذا أولى ، لأنه إذا أمكن حمله على معنى من غير إثبات نسخ كان أولى ، ولأن ما قالوه زيادة لا دليل عليه» (٢).
(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) فليس على المريض صيام في شهر رمضان ، والظاهر ـ من مناسبة الحكم والموضوع ـ أن المراد به المرض الذي يضر به الصوم ، لأن ذلك ما يعتبر عسرا على المكلف ، فلا يشمل الصوم الذي ينفع المريض أو الذي لا يترك أي أثر ضار على صحته. وقد وردت بذلك الأحاديث الكثيرة المتعددة في هذا الشأن.
أما السفر ، فقد حدّدت كميته بما ورد في السنة الشريفة التي اختلفت
__________________
(١) البحار ، م : ٣٠ ، ج : ٨٤ ، ص : ٣٣٩ ، باب : ٨١ ، رواية : ١٧.
(٢) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٤٩٢ ـ ٤٩٣.