يكنى عنه ، ولا يخلو الجماع من ذلك ، كما في الكشاف (١).
(عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ) أي : تنقصونها حظها من اللذة بامتناعكم عن الجماع في الليل ، وخيانة النفس تكون في ظلمها بمنعها عما ترتاح إليه ، أو تكون بمعنى ممارسة المعصية تمردا على التحريم الذي كان مفروضا في ليالي الشهر بالإضافة إلى نهاراته ، فلا تؤدون الأمانة الإلهية بالامتناع عن الجماع ، (فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ) تخفيفا لما اشتد عليكم ، بإباحته لكم أو بالغفران لكم (فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَ) بالليل لتحصلوا على حاجتكم الجنسية من دون تحريم ولا حرج. والأمر هنا بمعنى الإباحة لا الوجوب ، لأنه وارد بعد التحريم مما يكون قرينة على أن المراد به رفع التحريم ، لا الوجوب.
(وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) الظاهر منه الولد باعتباره الغاية من العمل الجنسي غالبا ، بالإضافة إلى قضاء الشهوة ، أو للتشجيع على التناسل واعتباره غاية مطلوبة لذلك.
وهناك احتمال آخر وهو أن المراد : اطلبوا ما كتب الله لكم من الحلال الذي بيّنه بكتابه ، فإن الله يحب أن يؤخذ برخصة كما يحب أن يؤخذ بعزائمه. (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) فقد أباح الله لكم ذلك في الليل ، (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ) أي : يظهر ويتميز لكم على التحقيق في وضوح الرؤية ، (الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ) وهو أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق كالخيط الممدود ، (مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ) ما يمتد معه من غبش الليل ، كما في الكشاف (٢) (مِنَ الْفَجْرِ) الذي يبدأ طلوعه بالبياض ، الذي يبدو في الأفق.
(ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) هذا تحديد لنهاية موعد الصيام ، وعدم تشريع صوم الوصال الذي يصل به الصائم ليله بنهاره بنية واحدة. (وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ
__________________
(١) انظر : تفسير الكشاف ، ج : ١ ، ص : ٣٣٧ ـ ٣٣٨.
(٢) انظر : م. ن. ، ج : ١ ، ص : ٣٣٩.