وحاول البعض اعتبارها منسوخة بالحديث المروي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا وصية لوارث» (١) .. ولكن ذلك لا يتم لوجوه ذكرها أستاذنا السيد الخوئي قده في كتابه «البيان في تفسير القرآن» وهي :
١ ـ إن الرواية لم تثبت صحتها ، والبخاري ومسلم لم يرضياها. وقد تكلم في تفسير المنار على سندها.
٢ ـ إنها معارضة بالروايات المستفيضة عن أهل البيت عليهمالسلام الدالّة على جواز الوصية للوارث. ففي صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : سألته عن الوصية للوارث فقال: تجوز. قال : ثم تلا هذه الآية : (إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) وبمضمونها روايات أخرى.
٣ ـ إن الرواية لو صحت وسلمت عن المعارضة بشيء ، فهي لا تصلح لنسخ الآية ، لأنها لا تنافيها في المدلول. غاية الأمر أنها تكون مقيدة لإطلاق الآية ، فتختص الوصية بالوالدين إذا لم يستحقا الإرث لمانع ، وبمن لا يرث من الأقربين. وإذا فرض وجود المنافاة بينها وبين الآية ، فقد تقدم أن خبر الواحد لا يصلح أن يكون ناسخا للقرآن بإجماع المسلمين فالآية محكمة وليست منسوخة» (٢).
وقد يخطر في البال ، أن ظهور الآية في أن الوصية فرض على الإنسان لا يتناسب مع فريضة الإرث ، لأن الاهتمام بالإيصاء ينطلق من مبدأ الحرص على مساعدة الموصى لهم بعد الموت ، نظرا إلى فقدان رعايته الثابتة لهم حال
__________________
(١) المجلسي ، محمد باقر ، بحار الأنوار ، الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت ـ لبنان ، ط : الأولى ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩٢ م ، م : ٣٧ ، ج : ١٠١ ، ص : ٤٩٨ ، باب : ٣٥ ، رواية : ٥.
(٢) الخوئي ، الموسويّ ، أبو القاسم ، البيان في تفسير القرآن ، دار الزهراء ، ط : السادسة ، ١٤١٢ ه ـ ١٩٩٢ م ، ص : ٢٩٨ ـ ٢٩٩.