( وبذلك ) يندفع ما قد يتوهم من الاشكال في المقام بأنه بعد الجزم ، بمرجعية العرف في تحديد مفاهيم الألفاظ وتشخيص مداليلها بلا مدخلية للعقل في ذلك ، وعدم العبرة بالمسامحات العرفية في باب التطبيقات ولزوم كون التعويل فيها على النظر العقلي الدقى ( لا وجه ) للمقابلة بين العقل والعرف والدليل ( فإنه ) ان أريد من الرجوع إلى العرف الرجوع إليه في معرفة معنى موضوع الدليل وتشخيص مفهومه ، فهو صحيح الا انه لا يختص بباب الاستصحاب لعموم مرجعية نظر العرف في تشخيص مفاهيم الألفاظ وتحديد مداليلها في القضايا الشرعية وغيرها ، فلا معنى لجعل الموضوع العرفي مقابلا لموضوع الدليلي في خصوص باب الاستصحاب ، لرجوع موضوع الدليلي حينئذ إلى الموضوع العرفي ( وان أريد ) من الرجوع إلى العرف الرجوع إليه فيما يتسامح فيه العرف ويراه من مصاديق موضوع الدليل في مقام التطبيق مع عدم كونه بالنظر الدقى من مصاديقه ، نظير اطلاقه مفهوم الكر والفرسخ وألحقه على ما ينقص ويزيد بقليل على المقدار أو الوزن المحدود ( فقد عرفت ) انه لا عبرة بالمسامحات العرفية في باب التطبيقات بعد تشخيص المفاهيم ( وعليه ) فلا وقع لجعل الموضوع العرفي مقابلا للموضوع الدليلي في باب الاستصحاب.
( وجه الاندفاع ) ما عرفت من أن للعرف نظرين ، تارة من حيث كونه من أهل المحاورة وفهم مداليل الألفاظ ، وأخرى من حيث ما ارتكز في ذهنه ولو من جهة مناسبات الحكم وموضوعه بنحو يرى الخصوصية المأخوذة في الموضوع من الجهات التعليلية لثبوت الحكم ، أو من القيود غير المقومة لحقيقية الموضوع ، مع حكمه بان ما هو ظاهر الدليل مراد الشارع من خطابه ( فالمقابلة ) بين العرف والدليل انما هو بلحاظ النظر الثاني الناشئ من المناسبات المغروسة في أذهان العرف بنحو يرى الموضوع شيئا صالحا للبقاء ( إذ حينئذ ) احتمال مطابقة الشرع مع العرف في واقع الحكم ولبه ، منشأ للشك في بقائه ( فيقع ) الكلام في أن عموم لا تنقض في توجيه التعبد بالبقاء سيق بأي لحاظ ( فان سيق ) بالأنظار الدقيقة