تأخيره بعادات العرب أهل الجاهلية ولا يعتمد عليها ولم يأمره الله بذلك بل نهاه في كثير من الآيات عن ذلك مثل قوله تعالى (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا) (١) وقوله : (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٢) وغير ذلك ، وانما اعتماده في كل الأشياء على قواعد دين الله دون قواعد الجاهلية وعاداتها كيف لا والله تعالى يقول في حقه (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٣) فابطلت هذه الآية وما قبلها ما ادعاه الخصوم من كون عزله عن براءة وبعث علي (عليهالسلام) بها جاريا على عادات العرب واثبتت أنه لبيان استحقاق مقام النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) وعدم استحقاقه على أبين وجه ، وأيضا لو كان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في ذلك مراعيا لعادات العرب لبعث ببراءة من اوّل الأمر رجلا من اقاربه كعلي (عليهالسلام) أو عمه العباس أو عقيل أو غيرهم من بني هاشم فانهم كانوا معه في المدينة ، وهو (صلىاللهعليهوآلهوسلم) عالم بعادات العرب ولم يبعث أبا بكر بها ثم كيف يعقل ان الله يأمر نبيه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) بان يجري على عادات اهل الجاهلية وهو قد بعثه لازالتها وإماتتها بدين حنيفي وملة اسلامية لا يقبل الله سواها ، وقد قال (صلىاللهعليهوآلهوسلم) (إن الله أذهب بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بانسابها) (٤) وهو معلوم من قوله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لا ريبة فيه وقال الله جل وعلا مخاطبا له (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (٥) ولم يقل اتبع عادات العرب وبعد فاي نبي بعثه
__________________
(١) الكهف : ٢٨.
(٢) الجاثية : ١٨.
(٣) النجم : ٣.
(٤) في شرح نهج البلاغة ١٧ / ٢٨١ عن المغازي للواقدي (إن الله أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها كلكم لآدم وآدم من تراب وأكرمكم عند الله أتقاكم) والكلمة من خطبة له (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لما فتح مكة.
(٥) الأنعام : ١٠٦.