وقبوله لها وهذا قد فعله الامام ، ومنها ما يجب على الرعية وهو المساعدة والنصرة له وقبول اوامره وامتثال قوله وهذا لم يفعله الرعية ، فكان اللطف الكامل منهم لا من الله تعالى ولا من الامام» انتهى فتبين ان وجود الامام لطف على الاستقلال غير متوقف على التصرف فبطل بذلك ما قال القوشجي : «بانا لا نسلم ان وجوده بدون التصرف لطف» لانا قد بينا ان مسارعة العبد الى الطاعة وانزجاره عن القبيح بسبب علمه بوجوده وامكان تصرفه اقرب منه اذا علم عدمه لأنه اذا اعتقد وجوده كان دائما يخاف ظهوره ويترقب تصرفه فيمتنع من القبائح ، وذلك هو اللطف.
واما قوله : «بان مجرد الحكم بخلقه وايجاده في وقت ما كاف في هذا المعنى فان ساكن القرية اذا انزجر عن القبيح خوفا من حاكم من قبل السلطان مختف في القرية لا اثر له كذلك ينزجر خوفا من حاكم علم ان السلطان يرسله إليها متى شاء» ففاسد لأن محصله ان علم المكلف بقدرة الله تعالى على ايجاد امام في وقت من الأوقات وتمكينه من التصرف قائم مقام وجوده في حصول الخوف للمكلف فيحصل به اللطف ولا يحتاج في ذلك الى كون الامام موجودا ، وفساده من وجوه.
الأول : ان ما فرضه خوف من المعدوم ولا خفاء ان الخوف من المعدوم غير حاصل للعقلاء بخلاف الخوف من الموجود المترقب ظهوره فان الخوف منه حاصل فكان لطفا دون الأول ، فقوله بعد : «وليس هذا خوفا من المعدوم بل موجود مترقب» عدول عما فرضه ومغالطة في القول فان الفرض انه ليس بموجود لكن يمكن وجوده واما اذا كان موجودا كان هو عين ما فرضناه لا ما فرضه.
الثاني : ان المكلف لو علم أنّ في القرية حاكما مختفيا من جهة السلطان سيظهر ويعاقب على فعل القبيح يكون دائما خائفا من اطلاعه عليه اذا فعل