مذاهبهم ، فصرح الحديث ان قدر علي (عليهالسلام) فوق ما ظهر له من الفضل ، وان النبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لم يقل فيه مقدار ما هو حقه من المنزلة الرفيعة عند الله تعالى : ولم يبين من كراماته حقيقة ما له من الفضيلة الجليلة ، بل بقي بعد ذكر تلك الفضائل العظام ، وبيان تلك المناقب الجسام ، ما لو قاله فيه لذهب اكثر الأمة فيه الى الغلو ، فليت شعري ما هذا المقال بعد تلك الأقوال ، ثم اعظم من ذا أنه (صلىاللهعليهوآلهوسلم) لم يقل ان ذلك المقال الذي أخفاه في علي (عليهالسلام) هو منتهى فضله ولا غاية مجده فيكون له فيه فوق ذلك المقال اقوال ، وعلى ذلك الفضل افضال ، فاين مبلغ العقول من معرفة حقيقة هذا النور القدسي؟ واين محل الإدراك من الاحاطة بكنه هذا الجوهر العلوي؟ أفيسوغ لعاقل يروى هذا الخبر ويدريه أدنى دراية ان يشك في ان المراد منه الاشارة الى نصب علي إماما ، وانه لا يجوز لأحد ان يتقدمه بعد الرسول ولا يخالفه فيما يقول؟ ولا شك ان من رواه ولم يقل ما قلناه ، وما عرف معناه ولا دراه ولا فهم اشارته ولا معزاه كابن ابي الحديد واصحابه والقوشجي وقبيله وغيرهم فجوزوا ان يتقدم على المنصوص عليه بهذا التبجيل من يقول (وليتكم ولست بخيركم وعليّ فيكم فاقيلوني) (١) وتارة يقول (ان لي شيطانا يعتريني فاذا
__________________
(١) نفس المصدر ١ / ١٦٩ وفي مواضع اخرى من الشرح كذلك كما رواها ابن هشام في السيرة ٤ / ٣٤٠ والطبري في التاريخ ٢ / ٢٠٣ وابن كثير في البداية والنهاية ٥ / ٢٤٧ وليس فيما ذكروه «وعلي فيكم» قال ابن ابي الحديد ١ / ١٦٩ : «وقد اختلف الرواة في هذه اللفظة فكثير من الناس رواها : «أقيلوني ولست بخيركم» ومن الناس من انكر هذه اللفظة ولم يروها وانما روى قوله : «وليتكم ولست بخيركم» واحتج بذلك من لم يشترط الأفضلية في الامامة» وقال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٧ / ١٥٨ معلقا على قوله : «ولست بخيركم» : فقد صدق عند كثير من اصحابنا لأن خيرهم علي بن ابي طالب (عليهالسلام).