قال ابن ابي الحديد : ذكر المدائني في كتاب الخوارج قال : لما خرج علي (عليهالسلام) الى اهل النهر اقبل رجل من اصحابه ممن كان على مقدمته يركض حتى انتهى الى علي (عليهالسلام) ، فقال : البشرى يا امير المؤمنين ، قال : ما بشراك؟ قال : ان القوم عبروا النهر لما بلغهم وصولك فابشر فقد منحك الله اكتافهم ، فقال له : الله انت رأيتهم قد عبروا؟ قال : نعم ، فاحلفه ثلاث مرات في كلها يقول : نعم ، فقال علي (عليهالسلام) : (والله ما عبروه ولن يعبروه وان مصارعهم لدون النطفة ، والذي فلق الحبة وبرا النسمة لن يبلغوا الا ثلاث ولا قصر بوران حتى يقتلهم الله ، وقد خاب من افترى) قال : ثم اقبل فارس آخر يركض فقال كقول الأول ، فلم يكترث علي (عليهالسلام) بقوله ، وجاءت الفرسان تركض كلها تقول مثل ذلك ، فقام علي فجال في متن فرسه قال : فيقول شاب من الناس والله لأكونن قريبا منه فان كانوا عبروا النهر لأجعلن سنان هذا الرمح في عينيه ، أيدعي علم الغيب؟ فلما انتهى (عليهالسلام) الى النهر وجد القوم قد كسروا جفون سيوفهم ، وعرقبوا خيلهم ، وجثوا على ركبهم ، وحكموا تحكيمة واحدة بصوت عظيم له زجل ، فنزل ذلك الشاب فقال : يا امير المؤمنين اني كنت شككت فيك آنفا ، واني تائب الى الله وأليك فاغفر لي ، فقال علي (عليهالسلام) : (ان الله هو الذي يغفر الذنوب فاستغفره) (١) وقال المعتزلي : وروى جميع اهل السيرة ان عليا (عليهالسلام) لما طحن القوم طلب ذا الثدية طلبا شديدا وقلب القتلى ظهرا لبطن فلم يقدر عليه ، فساءه ذلك ، وجعل يقول : (والله ما كذبت ولا كذبت اطلبوا الرجل وانه لفي القوم) فلم يزل يتطلبه حتى وجده.
قال : وروى ابراهيم بن ديزيل في كتاب صفين عن الأعمش عن
__________________
(١) أيضا ١ / ٢٧١.