ليكون المعنى بلغ هذا الأمر الخاص فان لم تبلغه كنت بمنزلة من لم يبلغ ما سبق من الرّسالة التي بلغتها ولو كان المراد العموم فيما انزل أليك لم يكن لقوله تعالى : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) الخ موقع لأنّ معناه يكون على هذا بلغ جميع ما انزل أليك وإن لم تبلغ جميع ما انزل أليك لم تبلغ جميع ما انزل أليك فوازنه وزان اضرب زيدا فانّك ان لم تضربه لم تضربه ومن البين لدى أولى الفطنة ان الكلام على هذا التقدير غير مفيد لانّ الجزاء هو عين الشّرط فلم يحصل جزاء إذا لا بد في إفادة الجملة الشرطيّة من تغاير الشّرط والجزاء ، فعلى المعنى المذكور من العموم يجب ان يكون الجزاء كلاما آخر مثل أسقطنا أجرك وعاقبناك وما جرى هذا المجرى واقل ما فيه ان تكون الآية على هذا الوجه خارجة عن قانون البلاغة والفصاحة التي نزل بهما القرآن فيكون مرغوبا عنه وممّا يقوي ما ذكرناه من إرادة الخصوص من الآية بل يعيّنه انّها نزلت بعد نزول اكثر القرآن وبعد تبليغ النّبي (صلىاللهعليهوآلهوسلم) كثيرا من الفرائض والاحكام في اصول الدّين وفروعه فيكون المقصود من الجملة انّك ان لم تبلغ ما أنزل أليك من ربّك في هذا الأمر الخاص كنت كأنك لم تبلغ ما بلغت سابقا من رسالة ربك لكتمانك هذا الأمر ، وفائدتها الحثّ والتأكيد على المسارعة الى تبليغ ذلك الامر الخاص وهذا واضح لمن تأمّل وذلك الامر المذكور وهو تبليغ النّاس أمر ولاية امير المؤمنين علي (عليهالسلام) لا جميع الاحكام اي بلّغ ما انزل أليك من ربّك في ولاية علي (عليهالسلام) وهو المروي عن ابن عبّاس وجابر بن عبد الله من طريق الكلبي عن ابي صالح رواه الحاكم ابو القاسم الحسكاني أبو إسحاق احمد بن محمّد بن ابراهيم الثعلبي في تفسيره (١) وقال بمضمونه ومن اصحابنا رواه من الطريق المذكور
__________________
(١) شواهد التنزيل للحسكاني ١ / ١٨٩ ونقله عن الحسكاني الطبرسي في مجمع البيان ٣ / ٢٢٣.