داخلة في حيّز التحليل والتّحريم حتى يحكم فيها ربيعة الرّأي (١) وسالم بن ابي حفصة (٢). والاوزاعي (٣) وابو حنيفة (٤) واضرابهم فهنالك يحدث له العلم بحكمها وتتجدد له المعرفة بحدها ورسمها فلا يزال على هذا يخرج من جهل الى علم باستمداده من اهل الرّأي والقياس واستفادته من اجتهادهم المقرون بالشك والالتباس كما هو لازم قولهم الّذي دلهم عليه الوسواس الخناس اعوذ بالله من هذه الجرأة العظيمة المستلزمة لنسبة الجهل للخالق الحكيم الخبير كأنهم لم يسمعوا قوله تعالى : (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ ، إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفاصِلِينَ) (٥) وغيرها من الآيات الكثيرة في الذكر الحكيم ، على ان صحة ما قلناه وبطلان قول الخصوم لا يحتاج من الدّليل الى اكثر ممّا ذكرناه من استلزام قولنا تنزيه البارئ تعالى عن النّقص واستلزام قولهم نسبة الجهل الى الحّي القيوم وتحصيله العلم ومعرفته الحكم في خلقه وبريّته وافعالهم من اجتهاد المجتهدين فلقد وقع الحق وبطل ما كانوا يعملون.
__________________
(١) ربيعة الرأي هو ربيعة بن فروخ التيمي بالولاء من فقهاء المدينة وانما قيل له ربيعة الرأي لأنه من أصحاب القياس وبه تفقه مالك توفي بالأنبار سنة ١٣٦.
(٢) سالم بن أبي حفصة ويقال له سالم التمار مولى بني عجل كوفي مات سنة ١٣٧.
(٣) الأوزاعي ابو عمرو عبد الرحمن بن عمرو إمام أهل الشام كان يسكن بيروت توفي سنة ١٥٧ ، والأوزاعي نسبة إلى وزاع بطن من همدان أو الى أوزاع قرية بدمشق عند باب الفراديس.
(٤) أبو حنيفة النعمان بن ثابت إمام المذهب ولد بالكوفة سنة ٨٠ وتوفي سنة ١٥٠ قال في نور الأبصار ص ٢٠٦ أراده المنصور للقضاء فامتنع فأمر بضربه ثم احضره بين يديه فدعا بسويق واكرهه على شربه ثم قام فقال له إلى اين؟ قال : الى حيث بعثتني فمضى به الى السجن فمات فيه.
(٥) ما بين القوسين ابعاض آيات من البقرة ٢٨٢ والتين ٨ والانعام ٥٧.