السلام) : (مغترب) لأن هؤلاء وامثالهم معروفون غير منكورين وظاهرون غير مستورين ومعظمون عند العامة غير مغتربين وبهذا أيضا يبطل قول المعتزلة لأن العلماء الذين ادعوا ان الاجماع لا يتم الا بهم معلومين غير مجهولين ان ارادوا مثل الجاحظ والجبائيين والقاضي عبد الجبار وابي القاسم البلخي وثمامة بن اشرس وابي الهذيل العلاف وابراهيم بن سيار النظام وواصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وابي الحسين الخياط (١) وامثالهم ممن يطول تعدادهم وكلهم مذكورون في طبقاتهم ، معروفون عند اصحابهم فأين هم والاغتراب؟ وهل يجوز ان يكون مثل الجاحظ وهو المبغض لأمير المؤمنين (عليهالسلام) حجة الله على خلقه ، وخليفة انبيائه؟ او يجوز ان يكون امير المؤمنين (عليهالسلام) اراد بتلك الأوصاف مثله وامثاله؟ ومن هذا بطل ما ادعاه المعتزلي من جواز اطلاق الحجة والخليفة على العارف والولي عند الفلاسفة واهل التصوف ، وعلى العالم مثل ابي الهذيل عند المعتزلة وتبين ان ذلك قول منهم بألسنتهم وهوى قلوبهم ، وان كلام امير المؤمنين (عليهالسلام) لا يوافق قول احد منهم ، وانما هو يوافق ما نقول لا سيما والمنصف المتأمل اذا ضم كلام علي (عليهالسلام) بعضه الى بعض علم انه يريد بهذه الأوصاف رجلا من ذريته ، وهو الذي عناه في كلامه الأول بقوله : (الا وان من ادركها منا) الى آخره وقد اعترف المعتزلي بذلك حيث قال : وليس يبعد عندي أن يريد به القائم من آل محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) في آخر الوقت اذا خلقه الله تعالى وان لم يكن الآن موجودا فانه ليس في الكلام ما يدل على وجوده الآن ، وقد وقع اتفاق الفرق من المسلمين اجمعين على ان الدنيا والتكليف لا ينقضي الا عليه (٢) انتهى وحيث أقر أن المراد هو القائم من آل محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فلا يضرنا ما قال من انه لم يكن مخلوقا
__________________
(١) مر ذكر هؤلاء.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٠ / ٩٦.