مسافر بن عربي قال في الفتوحات المكية نقلا عنه : انه يعني المهدي يحكم بما القى إليه ملك الالهام من الشريعة ، وذلك انه يلهم الشرع المحمدي فيحكم به كما اشار إليه حديث (المهدي يقفوا أثري لا يخطئ) فاخبرنا (صلىاللهعليهوآلهوسلم) انه متبع لا مبتدع ، وانه معصوم في حكمه فعلم انه يحرم عليه القياس مع وجود النصوص التي منحه الله اياها على لسان ملك الالهام ، بل حرم بعض المحققين القياس على جميع اهل الله لكون رسول الله (صلىاللهعليهوآلهوسلم) مشهودا لهم فاذا شكوا في صحة حديث او حكم رجعوا إليه في ذلك فاخبرهم بالأمر الحق يقظة ومشافهة (١).
اقول وهذا الكلام يعطي عصمة باقي ائمتنا عنده أيضا ، لأن اهل الله عنده كما ترى معصومون عن الخطأ في الأحكام وهو يقربان ائمتنا من افضل اهل الله على الوجه الذي ينحو إليه بهذا اللفظ ويعلم ذلك من قوله في ذكر نسب المهدي : انه ابن الامام الحسن العسكري بن الامام علي النقي (٢) الخ ، وقد مر ذكره وبعصمة الاثني عشر صرح حجة الاسلام الغزالي في بعض كتبه كما ذكره عنه بعض اصحابنا من اهل الاطلاع والتثبت في النقل ، وقد وضح من ذلك ان القول بعصمة هؤلاء الأصفياء ليس مما اختص به اصحابنا ، بل بعض مخالفينا يقول به وان كان لغير الوجه الذي يقول به اصحابنا ، واما سائرهم فينكرون عصمة ائمتنا الكرام ، والعجب من ابن ابي الحديد حيث انكر عصمة امير المؤمنين (عليهالسلام) وقال في مواضع انه عنه غير معصوم مع حكمه في كثير من المواضع بان عليا (عليهالسلام) مع الحق (٣) دائما ، وهل العصمة الا ذلك ، وليس هذا التناقض
__________________
(١) نقله عن الفتوحات المكية في اسعاف الراغبين ص ١٤٥.
(٢) كذلك ص ١٤٥.
(٣) شرح نهج البلاغة. ٩ / ٨٨ و ١٠ / ٢٧٠ و ١٨ / ٧٢.