عليه وآله وسلم) في الناس ممن تولي الأمر من بعده ، فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رأيت راجعة من الناس رجعت عن الاسلام تدعوا الى محق دين (١) الله ، وملة محمد (صلىاللهعليهوآلهوسلم) فخشيت ان لم انصر الاسلام واهله ان ارى فيه ثلما وهدما يكون المصاب بهما علي اعظم من فوت ولاية اموركم التي انما هي متاع ايام قلائل ثم تزول وما كان منها كما يزول السراب ، وكما ينقشع السحاب ، فمشيت عند ذلك الى ابي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون (٢) ، فتولى ابو بكر تلك الأمور وسدد وقارب واقتصد ، وصحبته مناصحا واطعته فيما اطاع الله فيه جاهدا ، وما طمعت ان لو حدث به حدث وانا حي ان يرد الى الأمر الذي بايعته فيه طمع مستيقن ، ولا يئست منه يأس من لا يرجوه ، ولو لا خاصة ما كان بينه وبين عمر لظننت انه لا يدفعها عني ، فلما احتضر بعث الى عمر فولاه فسمعنا وأطعنا وناصحنا ، وتولى عمر الأمر فكان مرضي السيرة ، ميمون النقيبة ، حتى اذا احتضر قلت في نفسي ، لن يعد لها عني وليس بدافعها لغيري فجعلني
__________________
(١) محق الدين ابطاله.
(٢) وذلك ما حاصله ان بعض المرتدين من العرب ارادوا بيات المدينة وبلغ المسلمين ذلك فاستعدوا للأمر فخرج علي (عليهالسلام) بنفسه مع المسلمين لحمايتها وكان على نقب من انقابها فما لبثوا الا قليلا حتى طرق القدم المدينة غارة مع الليل فما ذر قرن الشمس الا وقد ولوهم الأدبار وغلبوهم على عامة ظهرهم ورجعوا ظافرين فهذا ما اشار إليه (عليهالسلام) وكأنه جواب لمن يقول انه عمل لأبي بكر وجاهد بين يديه فبين عذره في ذلك وقال انه لم يكن كما ظنه القائل ولكنه من باب دفع الضرر عن الدين والمسلمين وهذا واجب على كل حال ونقله ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٧ / ١٥٤ عن تاريخ الطبري وانظر تاريخ الطبري ٣ / ٢٤٤ ط الاستاذ محمد ابو الفضل ابراهيم حوادث ١١ سنة ١١.