لا يضرّ شكّ الإنسان في حالته الوجدانيّة إذا كان الملحوظ وجه المطلوب ، لا هو بصورته التفصيلية ، والممتنع هو الثاني.
ألا ترى أنّك لو علمت بأنّ زيدا عادل ، وشككت في عدالة عمرو ، فعنوان أحدهما بما هو هذا العنوان وإنّ كان لا محالة مشكوك العدالة ، ولكنّ العنوان المشير إلى الفردين مثل «كلّ منهما» أو «أيّ منهما» ليس مشكوكا ، بل محتمل الانطباق على المشكوك والمعلوم ، ومن هنا نقول في استصحاب الحيوان المردّد بين الفرد القصير والطويل : إنّه إنّما يجري لو جعل الحيوان موضوعا ، وأمّا لو جعل عبرة ومعرّفا للفردين فلا مجرى للاستصحاب فيه ؛ لعدم الشكّ في البقاء في شيء من الفردين.
فإن قلت : لا نجعل زمان حدوث الآخر جزء المستصحب ، بل هو نفس العدم ، ولكن لا نجعله عبرة وإشارة أيضا ، بل ملحوظا على وجه الموضوعيّة والاستقلال ، وقد اعترفت بحصول الشكّ فيه على هذا التقدير.
قلت : إذا اعترفت بكون المستصحب نفس العدم فلا يجدي حصول الشكّ فيه بملاحظة اقترانه بأمر خارجي كطيران الغراب ونحوه ، بل لا بدّ من لحوق الشكّ في قطعة الزمان المتأخّر الذي يراد استصحابه إليه بنفس المستصحب ، والمفروض أنّ نفس العدم بلا لحاظ شيء معه أصلا إذا اريد جرّه إلى زمان الحدوث الواقعي الخارجي للآخر ، يكون أمره متردّدا بين الجرّ إلى زمان الشكّ في انتقاضه ، وبين الجرّ إلى زمان القطع بانتقاضه ، وإن كان انتقاضه بملاحظة انضمام بعض العناوين الخارجة مشكوكا فيه ، وهذا واضح لا سترة عليه.
فإن قلت : كما أنّه في مورد العلم الإجمالي بنجاسة أحد الإنائين مثلا يكون عنوان الأحد معرّفا ، ومع ذلك هو معروض العلم ، وكلّ من الإنائين مشكوك ولا يلزم اجتماع الضدّين بواسطة عدم سراية العلم من الصورة الإجماليّة إلى التفصيليّة وهما صورتان منحازتان ، كذلك نقول بعينه في المقام أنّ قطعة الزوال بهذه الصورة التفصيلية معروض القطع ، ولا ينافي كون العنوان المجعول عبرة إلى إحدى القطعتين منها ومن قطعة الطلوع معروضا للشكّ ؛ لاختلاف الصورتين.