وما ذكرناه في اللغة مشهور ، قال لبيد بن ربيعة (١) :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل |
|
وكل نعيم لا محالة زائل |
ولم يرد أن الحق باطل ، ولا أن شعره هذا [الذي قاله] باطل ، وقد قال كل شيء وانما أراد بعض الأشياء ، ويقول القائل (٢) «دخلنا المشرق فاشترينا كل شيء ورأينا كل شيء حسن» ، وانما أراد كل شيء مما اشتروا ، وكل شيء مما رأوا (٣) ، وكذا «خالق كل شيء» مما خلقه لا مما فعله عباده ، لانه لا يجوز أن يفعل العباد خلق رب العالمين.
ويقال لهم : ان كان يجب أن تكون أعمال العباد خلق الله لقول الله (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)(٤) ، فيجب أن يكون كل خلقه حسنا لقوله (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ)(٥) فيجب أن يكون الشرك حسنا ، وكذلك الظلم والكذب والفجور والفسوق ، لان ذلك عندهم خلق الله تعالى.
فان قالوا : ان قوله (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) انما أراد بعض الأشياء. قيل لهم: فما أنكرتم أن يكون قوله (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) انما وقع على كل شيء
__________________
(١) لبيد بن ربيعة العامري الشاعر ، قدم على النبي (ص) سنة وفد قومه فأسلم وحسن إسلامه ، وترك الشعر منذ إسلامه حتى موته ، وعمر طويلا ومات وهو ابن مائة وأربعين سنة ، وقيل انه مات وهو ابن سبع وخمسين ومائة سنة ، وكانت وفاته سنة ٤١ ه على أشهر الأقوال (الاستيعاب : ٣ / ١٣٣٥).
(٢) في أ : ويقول قائل.
(٣) في مط : أرادوا.
(٤) سورة الانعام : ١٠٢.
(٥) سورة السجدة : ٧.