فإذا قيل لهم فما تقولون في المأثور من معجزاته والمنقول من جرائحه (١) وآياته الخارقة للعادة التي أقام بها الحجة قال المسلمون منهم لذلك المتعاطون لإخراج معناه كان أعرف الناس بخواص الموجودات وأسرار طبائع الحيوان والحوادث فيظهر من ذلك للناس ما يتحير له من رآه لقصوره عن إدراك سببه ومعناه ففضلوه بهذا أيضا على الخلق أجمعين وأوجبوا له التقدم على العالمين.
وقد سمعنا في بعض الأحاديث أن أحد السحرة قال لموسى عليهم السلام إن هذه العصا من طبيعتها أن تسعى إذا ألقيت وتتشكل حيوانا إذا رميت وخاصية لها بسبب فيها.
فقال له موسى على نبينا وعليهالسلام فخذها أنت وارمها قالوا فأخذها الساحر ورماها فما تغيرت عن حالها فأخذها موسى ورماها فصارت حية تسعى.
فقال الساحر ليس السر في العصا وإنما السر فيما ألقاها آمنت بإله موسى.
أفترى لو أخذ أحد المشركين الحصى الذي سبح في كف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتركه في يده أكان يسبح أيضا فيها أم ترى أحدهم لو أشار بيده إلى الشجرة التي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتت لكانت تأتيه أيضا إذا أومأ إليها وأن هذه الأشياء تفعل بالطبع كما يفعل حجر المغناطيس في الحديد الجذب كلا والحمد لله ما يتصور هذا عاقل فإذا نظروا حسن تمام النظر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وانتظام مراده الذي قصده وأنه نشأ بين قوم يتجاذبون العز والمنعة ويتنافسون في التقدمة والرفعة ويأنفون من العار والشنعة ولا يعطون لأحد إمرة ولا طاعة فلم يزل بهم حتى قادهم إلى أمره وساقهم إلى طاعته واستعبدهم (٢) بما لم يكونوا عرفوه وأمرهم بهجران ما ألفوه إلى أن
_________________
(١) كذا في النسخة.
(٢) أي تعبّدهم.