مقامه فكذلك أمره بالاستتار في المدة التي علم أنه متى ظهر فيها قتله الفجار.
فإن الخصم هلا أظهره الله تعالى وأرسل معه ملائكة تبيد كل من أراده بسوء وتهلك من قصده بمكروه؟
قيل له قد سألت الملحدة عن مثل هذا السؤال في إرسال الأنبياء عليهم السلام فقالوا لم لم يبعث الله تعالى معهم من الأملاك من يصد عنهم كل سوء يقصدهم به العباد فكان الجواب لهم أن المصالح ليست واقعة بحسب تقدير الخلائق ... (١) وإنما هي بحسب المعلوم عند الله عزوجل وبعد فإن اصطلام الله تعالى للعاصين ومعاجلته بإهلاك سائر الظالمين قاطع لنظام التكليف وربما اقتضى ذلك عموم الجماعة بالهلاك كما كان في الأمم السابقة في الزمان.
وهو أيضا مانع للقادرين من النظر في زمان الغيبة المؤدي إلى المعرفة والإجابة فقد يصح أن يكون فيهم ومنهم في هذه المدة من ينظر فيعرف الحق ويعتقده أو يكون فيهم معاندون مقرون قد علم الله سبحانه أنهم إن بقوا كان من نسلهم ذرية صالحة فلا يجوز أن يحرمها الوجود بإعدامهم في مقتضى الحكمة وليس العاصون في كل زمان هذا حكمهم وربما علم ضد ذلك منهم فاقتضت الحكمة إهلاكهم كما كان في زمن نوح عليهم السلام حيث قال (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) نوح : ٢٦ : ٢٧.
فإن قال السائل إن آباءه عليهم السلام قد كانوا أيضا في زمان مخافة وأوقات صعبة فلم لم يستتروا وما الفرق بينهم وبينه في هذا الأمر؟
قيل له إن خوف إمامنا عليهم السلام أعظم من خوف آبائه وأكثر والسبب في ذلك أنه لم يرو عن أحد من آبائه عليهم السلام أنه يقوم بالسيف ويكسر تيجان
_________________
(١) هناك عدة كلمات غير واضحة المعنى.
(٢) الاصطلام الإهلاك.