عند جميع علماء المسلمين ، ولكن إذا مات المُشرك وهو على شِركه ، فلن يتوب الله تعالى عليه ، أمّا في حالة أن يموت على التّوحيد ، ولكنّه قد إرتكب ذنوباً في سالف حياته ، فمن الممكن أن يعفو عنه الله تعالى ، وهذا ما نستوحيه من مفهوم الآية الكريمة.
وخلاصة القول ، أنّ المشركين لن يشملهم العفو الإلهي المنفتح على الخلق ، بل هو للمؤمنين الموحّدين ، والتّوبة تغفر كلّ الذنوب حتى الشّرك.
ثانياً وثالثاً : يجب أن تكون التّوبة مُباشرةً بعد الذنب ، ولا تؤخّر إلى وقتٍ بعيدٍ ، وكذلك يجب أن يكون إرتكاب الذنب عن جهالةٍ لا عن عنادٍ ، ونقرأ في الآية (١٧) من سورة النساء : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).
والجدير بالملاحظة ، أنّ كثيراً من المفسّرين ، حملوا هذه الآية على التّوبة الكاملة ، لأنّه من الطّبيعي ، عند ما يُذنب الإنسان من موقع العناد والغيّ ، ثم يتوجّه لحقيقة الحال ، ويندم على أفعاله السّابقة ، فإنّ الباري تعالى يتوب عليه ، وقد حدّثنا التأريخ عن نماذج كثيرةً وأفراداً كانوا في صفوف المُعاندين والأعداء ، ثم رجعوا عن غيّهم وتابوا ، وعادوا إلى حضيرة الإيمان والصّلاح.
ومن المعلوم حتماً ، لو أنّ الإنسان أمضى عمره بالذّنوب والعصيان ، ولكن تاب بعدها توبةً نصوحاً ، وتحول من دائرة المعصية والإثم ، إلى دائرة الطّاعة والإيمان ، فإنّ الله تعالى سيقبل توبته لا محالة.
ونقرأ في الحديث المشهور عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أنّه قال :
«مَنْ تابَ إِلى اللهِ قَبْلَ مَوتِهِ بِسَنَةٍ تابَ اللهُ عَليهِ ، وَقَالَ : ألا وَسنَةُ كَثِيرَ ، مَنْ تابَ إِلى اللهِ قَبْلَ مَوتِهِ بِشَهْرٍ تابَ اللهُ عَلَيهِ ، وَقَالَ : شَهْرُ كَثِيرٌ ، مَنْ تابَ إِلى اللهِ قَبْلَ مَوتِهِ بِجُمْعَةٍ تابَ اللهُ عَلَيهِ ، قَالَ : وَجُمْعَةُ كَثيرٌ ، مَنْ تابَ إِلى اللهِ قَبْلَ مَوتِهِ بِساعَةٍ تابَ اللهُ عَلَيهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَساعَةُ كَثِيرٌ ، مَنْ تابَ إِلى اللهِ قَبْلَ أنْ يُغَرغِرَ بِالمَوتِ تابَ اللهُ عَلَيهِ» (١).
__________________
(١) مستدرك الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٤٥ ، (باب صحة التوبة في آخر العمر ، ح ٥).