وكما يقول المرحوم النّراقي ، في «معراج السّعادة» :
إذا صدرت من الشّخص مخالفةٌ ؛ ما فعليه تأديب نفسه وترويضها ، بالعبادات الثّقيلة مثلاً ، أو بإنفاق الأموال التي يحبّها ويجمعها ، أو يقوم يتجويع نفسه عند أكله لِلُقمة الحرام ، أو يؤدب نفسه بالسّكوت ، ويمدح الشّخص الذي يغتابه ، أو يجبرها بذكر الله تعالى ، وإذا إستهان أو استصغر أحداً من الناس لفقره ، فليكرمه بالمال الكثير ، وكذلك الحال في بقيّة المعاصي ، والموبقات التي صدرت منه ، ولكلٍّ بِحَسَبِه» (١).
الخطوة السّادسة : «النيّة» و «إخلاص النيّة»
تناول العلماء في بداية مباحثهم الأخلاقية ، مسألة «النيّة» و «إخلاص النيّة» ، وفرّقوا بينهما وقالوا : إنّ «النيّة» شيءٌ ، و «إخلاصُ النيّة» شيءٌ آخر ، لكنّهم لم يذكروا فروقاً واضحةً ومشخّصَةً ، فأدخلوا إخلاص النيّة في مبحث النيّة ، بحيث يصعب الّتمييز بينهما.
ولأجل التّفريق والّتمييز بينهما ، يمكن القول : إنّ المقصود من «النيّة» : هو العَزمُ والإرادةُ الرّاسختين لفعلٍ ما ، بقطع النّظر عن الدّافع الإلهي ، أو المادي الذي يقف خلفها.
بالطّبع إذا أراد الإنسان أن يرى ثمرة عمله ، في دائرة الواقع وحركة الحياة ، فعليه أن يدخل إلى ساحة العمل والسّلوك ، بإرادةٍ قويّةٍ ، وعزمٍ راسخ ، لا تُزلزِلهُ التّحديات ، ولا تهزّه الصّعاب ، سواءً في نطاق تحصيل العلم ، أو في الزّراعة والتجارة والسّياسة.
والخُلاصة : إنّ كلّ عملٍ إيجابي ، نريد أن نصل به إلى النتائج المرجوّة ، علينا في البداية ، أن نتقدم نحو ميدان العمل والممارسة ، بقلبٍ ثابتٍ وإرادةٍ بعيدةٍ عن التّردد ، وبالطبع فإنّ هذا الأمر لا يتمّ إلّا بالتنظير له ، في مرحلةٍ سابقةٍ ، ودراسةِ كلّ جوانبه والامور المحيطة به ، من عوائد ونتائج إيجابيّة أو سلبيّة ، والعقبات التي يمكن أن تقف بوجهه ، وبعدها المُضي قُدُماً بخطى ثابتةٍ نحو الهدف ، في خطّ العمل والتّطبيق.
__________________
١ ـ معراج السعادة ، الطّبعة الجديدة ، ص ٧٠٣ ، (مع شيءٍ من التّلخيص).