رَبِّهِ) ، أي : على برهان من ربه (١) وحجج ويتلوه شاهد منه على ذلك ، كمن لا على برهان من ربه ولا حجج ولا شاهد له على ذلك؟! ثم قال بعضهم : قوله : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) جبريل (٢) أو ملك غيره يتلو عليه القرآن. وقال بعضهم : يتلوه شاهد منه : لسانه. وقال بعضهم (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) هو القرآن ونحوه (٣).
ثم قوله : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ) : يحتمل أصحاب عيسى الذين آمنوا به.
(وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى) أصحاب التوراة الذين آمنوا.
(أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) أي : هؤلاء الذين آمنوا بهؤلاء هم الذين يؤمنون بمحمد ـ عليه أفضل الصلوات ـ وبما جاء به محمد ، صلىاللهعليهوسلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً) : قيل فيه بوجوه :
قيل : ومن قبل القرآن كتاب موسى جاء جبريل إلى موسى ، كما جاء بهذا القرآن إماما يقتدى به ورحمة من العذاب لهم.
ويحتمل قوله : (وَمِنْ قَبْلِهِ) يعني قبل القرآن كتاب موسى التوراة إماما فيها أنباء هذا القرآن ، وأنباء محمد أنه رسول ؛ كقوله : (يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) [الأعراف : ١٥٧] ، وقوله : (يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) [البقرة : ١٤٦] وأمثاله.
ويحتمل قوله : (إِماماً وَرَحْمَةً) [ما روي] عن ابن عباس قال : إماما ورحمة : كان كتاب موسى وهو التوراة إماما يقتدى به ، وكان رحمة ، أولئك يؤمنون به قال : أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم الذين آمنوا به من أهل الكتاب وغيرهم. ويحتمل قوله : (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) أي : مؤمني أهل التوراة يؤمنون بالقرآن ويقتدون به ؛ كما آمنوا بالتوراة واقتدوا بها.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) أي : بالقرآن (مِنَ الْأَحْزابِ) الأحزاب : الفرق والأصناف. يحتمل من يكفر به أي : بالقرآن من الفرق.
ويحتمل يكفر به أي : بمحمد. ويحتمل الدين الذي هو عليه ويدعوهم إليه.
__________________
(١) ذكره الرازي (١٧ / ١٦١).
(٢) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٧) عن كلّ من : ابن عباس (١٨٠٦٣ و ١٨٠٧٨) ، وإبراهيم (١٨٠٦٤ و ١٨٠٦٥ و ١٨٠٦٧ و ١٨٠٦٨ و ١٨٠٦٩ و ١٨٠٧٠ و ١٨٠٧٧) ، ومجاهد (١٨٠٦٦ و ١٨٠٧١ و ١٨٠٧٩) ، وأبي صالح (١٨٠٧٢) ، والضحاك (١٨٠٧٣ و ١٨٠٧٤) ، وأبي العالية (١٨٠٧٥) ، وعكرمة (١٨٠٧٦).
وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٧٨) وعزاه لابن أبي المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن عباس.
(٣) أخرجه بمعناه ابن جرير (٧ / ١٧) (١٨٠٥٧) عن ابن زيد ، وذكره البغوي (٢ / ٣٧٧) ونسبه للحسين ابن الفضل.