فإن كان على ما قالوا إنها كانت قائمة وراء الباب ؛ فيكون إقبالها خروجها إلى القوم ، وإن كان قيامها على رءوسهم ؛ فيكون معنى الإقبال هو الإقبال في ضرب وجهها وصكها ، لكن ذلك من القدوم ، لكنه على الإقبال بفعل ما أخبر عنها من صك وجهها ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) [وقال في موضع آخر : (وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ* فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ) [الذاريات : ٢٨ ، ٢٩] ؛ وقال هاهنا : (يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً)](١) إن هذا لشيء عجيب.
هي لم تتعجب [من](٢) قدرة الله أنه قادر على أن يهب الولد في كل وقت ؛ ولكنها تعجبت لما رأت العادة في النساء والرجال أنهم إذا بلغوا المبلغ الذي كانوا هم لم يلدوا ؛ فتعجبها أنها تلد في الحال التي هي عليها ، أو يردان إلى حال الشباب ؛ فعند ذلك يولد لهما ، وكلاهما عجيب بحيث الخروج على خلاف العادة ، لا بحيث قدرة الرب ، وهو كما ذكرنا من قول زكريا : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ) [آل عمران : ٤٠] ، وفي موضع آخر : (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) [مريم : ٨] ، وقوله : أنى يكون لي غلام في الحال التي أنا عليها أو يرد لي شبابي ، فعلى ذلك قولها (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ).
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ).
قال أهل التأويل : أتعجبين من قدرة الله هذا؟ [...](٣) لكنه يحتمل وجهين :
أحدهما أي : لا تعجبي من أمر الله هذا وكثيرا مما رأيت أمثال ذلك في أهل بيتك. والثاني [...](٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ).
يشبه أن يكون هذا صلة قوله : (قالُوا سَلاماً) ؛ لأنه معلوم أنهم لم يقولوا سلاما حسب ، لم يزيدوا على هذا ؛ بل زادوا ؛ فكأنهم قالوا : سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أو قالوا : سلام الله ورحمته وبركاته عليكم.
(أَهْلَ الْبَيْتِ).
بالنصب ؛ كأنه قال يا أهل البيت ، كقوله ـ عليهالسلام ـ حيث قال : «تركت بعدي
__________________
(١) ما بين المعقوفين سقط في أ.
(٢) سقط في ب.
(٣) في ب : بياض بمقدار نصف سطر.
(٤) بياض في ب.