وقال بعضهم : (قائِمَةٌ) من وراء الباب ، لكن لسنا ندري أي ذلك كان؟
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَضَحِكَتْ).
قال بعضهم : ضحكت ، تعجبا من خوف إبراهيم أنهم لصوص ، وهم كانوا ثلاثة أو أربعة ، دون عشرة ، وكان خدم إبراهيم ـ عليهالسلام ـ يبلغ عددهم ثلاثمائة (١) ، على ما ذكر في القصة ضحكت تعجبا ؛ إذ (٢) كيف يخاف من نفر عددهم دون عشرة ، وعنده من الخدم ما يبلغ عددهم ما ذكرنا.
وقال بعضهم : ضحكت ؛ تعجبا ممّا بشروها بالولد ، وقد بلغ سنها ما بلغ من الكبر وهو كذلك (٣) ، وقالت : أحق أن ألد وقد بلغت (٤) من السن كذا.
وقال بعضهم : ضحكت أي : حاضت (٥) ، من قولهم : ضحكت الأرنب إذا حاضت ، وهو قول ابن عباس وعكرمة (٦). وقال الفراء : ضحكت : حاضت غير مسموع ولا معروف فعلى تأويل من قال : إنها ضحكت تعجبا مما بشرت بالولد فهو على التقديم والتأخير ، كأنه قال فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب فضحكت.
وقال بعضهم : ضحكت سرورا بالأمن منهم ؛ لأنهما خافا منهم.
وقوله : (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ).
ظاهر هذا أنها بشرت بإسحاق ، ومن وراء أولاد إسحاق أولاد (٧) يعقوب ، ولكن لم يكن يعقوب ولد من إبراهيم ؛ إنما ولد من إسحاق ، وهو : حافد إبراهيم أبي (٨) إسحاق فتأويله من وراء إسحاق حافد ؛ فإنما البشارة بالولد وبالحافد ، وهو كقوله : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً) [الأنبياء : ٧٢].
وقال في هذه السورة : (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ) ، وقال في موضع آخر : (فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ) [الذاريات : ٢٩].
__________________
(١) ذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦٧٣) وعزاه لإسحاق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ، وكذا البغوي (٢ / ٣٩٣) ونسبه لمقاتل والكلبي.
(٢) في ب : أنه.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ٧١) (١٨٣٣٣) عن وهب بن منبه ، وذكره بمعناه السيوطي في الدر (٣ / ٦١٥) وعزاه لابن جرير عن السدي.
(٤) في أ : كبرت.
(٥) أخرجه ابن جرير (٧ / ٧٢) (١٨٣٣٤) عن مجاهد ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦١٦) وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن ابن عباس ، ولأبي الشيخ عن عكرمة.
(٦) تقدم.
(٧) في أ : بولد.
(٨) في أ : ابن.