وقوله ـ عزوجل ـ : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) قال بعضهم : أي : صار قدامهم.
وقال بعضهم : يقدم أي : يقود قومه إلى النار حتى يوردهم النار (١).
ويحتمل قوله : (يَقْدُمُ قَوْمَهُ) أي : يكون إماما لهم يوم القيامة (٢) يتبعون أثره ، كما كان إمامهم في الدنيا فاتبعوه ؛ كقوله : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) [الإسراء : ٧١] وكقوله : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) [القصص : ٤١] أخبر أنهم يكونون أئمة لهم في الآخرة.
ويشبه أن يكون قوله : (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) أي : دعاهم في الدنيا ، وأمرهم بأمور توردهم النار تلك الأعمال كقوله : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [البقرة : ١٧٥] أي : ما أصبرهم على عمل أهل النار.
وقال بعضهم : يتبعونه حتى يدخلهم النار.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) قال بعضهم : بئس المدخل المدخول (٣) ، والورد هو الدخول ، والمورود المدخول ؛ سمي الجزاء باسم سببه.
قال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : جميع ما ذكر في القرآن من الورود فهو دخول منهم ، قوله : (وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ) وقوله : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) [مريم : ٧١] وقوله : (أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ) [الأنبياء : ٩٨] (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً) [مريم : ٨٦] فقال : والله ليردنها كل برّ وفاجر (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا)(٤) [مريم : ٧٢].
وقوله : (وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ) يحتمل : اللعنة في الدنيا : العذاب الذي نزل بهم.
ويحتمل لعن الخلائق يلعنهم من ذكرهم.
وفي الآخرة يحتمل الوجهين جميعا.
يحتمل : يعذبون في الآخرة ـ أيضا ـ كما عذبوا في الدنيا.
ويحتمل : لعن الخلائق ـ ايضا ـ من رآهم لعنهم ، واللعن هو الطرد في اللغة : طردوا عن رحمة الله ولم يرحموا في عذاب الدنيا ، ولا يرحمون في عذاب الآخرة.
__________________
(١) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٠٨) (١٨٥٤٣ ، ١٨٥٤٤) عن قتادة ، وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦٣٠) وزاد نسبته لعبد الرزاق وأبي الشيخ عن قتادة.
(٢) في أ : في الآخرة.
(٣) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٠٨) (١٨٥٤٦) عن ابن عباس ، والبغوي في تفسيره (٢ / ٤٠٠) وكذا السيوطي في الدر (٣ / ٦٣٠) وعزاه لعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٤) أخرجه ابن جرير (٧ / ١٠٨) (١٨٥٤٧) وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٦٣٠) وزاد نسبته لابن أبي حاتم عن ابن عباس.