وقرئ بالنون (١) : نرتع ونلعب.
قال القتبي (٢) : نرتع ، أي : نأكل ؛ يقال : رتعت الإبل : إذا رعت ، وارتعتها : إذا تركتها ترعى ، ويقرأ نرتع ، بكسر العين ، والمراد منه أن نتحارس ويرعى بعضنا بعضا ؛ أي : يحفظه ، ومنه يقال : رعاك الله ؛ أي : حفظك الله.
وقوله : (يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) قالوا : يلعب فيما يحل ويسع من نحو الاستباق وغيره ، وهو ما ذكروا : (إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا) ، واللعب في مثل هذا يحل ، وقد روي ـ أيضا ـ في الخبر أنه قال : «لا يحل اللعب إلا في ثلاث» وفيه : «معالجة الرجل فرسه أو قوسه ، وملاعبة الرجل امرأته» ، أخبر أنه لا يحل إلا ثلاث ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ).
قال : إني ليحزنني ، عند الواقع به والغائب عنه من النعمة التي أنعمها عليه ؛ لأنه كان نعمة عظيمة له فات النظر إليه ، فذكر الحزن على ما فات عنه ، وذكر الخوف لما خاف وقوعه في وقت يأتي وما سيقع ؛ فهذا تفسير قوله : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة : ٦٢] لا يحزنون ؛ لأنه موجود للحال ، غير فائت (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) ، أي : لا يخافون فوته ؛ لأن خوف فوت النعمة ينقص على صاحبه النعمة ، فآمنهم على ذلك ، وهو ما ذكرنا أن الحزن يكون بالواقع للحال ، والخوف على ما سيقع ، والله أعلم.
__________________
(١) في (يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ) أربع عشرة قراءة :
إحداها : قراءة نافع : بالياء من تحت ، وكسر العين.
الثانية : قراءة البزي ، عن ابن كثير : نرتع ونلعب بالنون وكسر العين.
الثالثة : قراءة قنبل ، وقد اختلف عليه : فنقل عنه ثبوت الياء بعد العين وصلا ووقفا ، وحذفها وصلا ووقفا ، فيوافق البزي في أحد الوجهين عنه ، فعنه قراءتان.
الخامسة : قراءة أبي عمرو ، وابن عامر : نرتع ونلعب بالنون ، وسكون العين والباء.
وقرأ جعفر بن محمد : نرتع بالنون ، ويلعب بالياء ، ورويت عن ابن كثير.
وقرأ العلاء بن سيابة : يرتع ويلعب بالياء فيهما ، وكسر العين وضم الباء.
وقرأ أبو رجاء كذلك ، إلا أنه بالياء من تحت فيهما.
والنخعى ويعقوب : نرتع بالنون ، ويلعب بالياء.
وقرأ مجاهد وقتادة ، وابن محيصن : يرتع ويلعب بالياء.
والفاعلان في هذه القراءات كلها مبنيان للفاعل.
وقرأ زيد بن علي : يرتع ويلعب بالياء من تحت فيهما مبنيين للمفعول.
وقرئ : نرتعى ونلعب بثبوت الياء ورفع الباء.
وقرأ ابن أبي عبلة : نرعى ونعلب.
فهذه أربع عشرة قراءة منها ست في السبع المتواتر وثمان في الشواذ.
(٢) ينظر : تفسير غريب القرآن (٢١٢).