ويقال : الأمة : القامة أيضا ؛ يقال : فلان حسن الأمة ؛ أي : حسن القامة ، ويقال : الأمم : القريب.
فهو يحتمل هاهنا الوجهين اللذين ذكرناهما ؛ أي : ذكر بعد حين ووقت ، أو بعد نسيان ؛ من قرأه بالنصب ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ).
معناه : أي أنا أنبئكم ببيان تأويلها لا أنه كان ينبئهم هو بنفسه ؛ ألا ترى أنه قال : (فَأَرْسِلُونِ). (يُوسُفُ) فيه إضمار ؛ كأنه قال : فأرسلوني إلى يوسف ، وليس في تلاوة الآية أنه أرسل إليه ، ولا إتيانه إليه ، ولكن فيه دليل أنه أرسل إليه فأتاه ؛ فلما أتاه قال له : (أَيُّهَا الصِّدِّيقُ).
قيل : الصدّيق : هو كثير الصدق (١) ؛ كما يقال : شرّيب وفسّيق وسكّير ؛ إذا كثر ذلك منه ، والصديق : هو الذي لم يؤخذ عليه كذب قط ، أو سماه صديقا لما عرف أنه رسول الله ، وهو ما قال في إبراهيم (إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا) [مريم : ٤١].
أو يقول : (أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ) أي : أنا أتعلم منه ؛ فأنبئكم بتأويله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ).
فأفتاها له وعبرها عليه ؛ وهو ما قال : (تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً) إلى آخر ما ذكر.
وقوله : (ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ).
هذا تفسير (٢) رؤيا الملك للذي سأله.
وقوله ـ عزوجل ـ : (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ).
هذا يحتمل وجوها :
يحتمل : يعلمون أن هذه الرؤيا حق ولها حقيقة ؛ ليس كما قال أولئك : أضغاث أحلام.
والثاني : يعلمون فضلك على غيرك من الناس ، أو يعلمون أنك تصلح لحاجاتهم التي في حال يقظتهم ؛ فيرفعونها إليك ؛ كما أصلحت ما كان لهم في حال نومهم ، ثم علمهم الزراعة ، وجمع الطعام (٣) والادخار أن كيف يدّخر حتى يبقى إلى ذلك الوقت ، فقال :
__________________
(١) ذكره البغوي في تفسيره (٢ / ٤٢٩) ، وأبو حيان في البحر المحيط (٥ / ٣١٤).
(٢) في أ : تعبير.
(٣) في أ : الطاعات.