كذا ؛ فافعل بي كذا ، ولكن ذكر نعم الله وإحسانه إليه.
والثاني من قولهم : إنه لا يؤتي أحدا ملكا ولا نبوة إلا بعد الاستحقاق [به ، ولا يكون من الله إلى أحد نعمة وإحسان إلا بعد الاستحقاق](١).
ومن قولهم : إن كل أحد هو المتعلم ؛ لا أن الله يعلم أحدا ، وقد أضاف يوسف التعليم إلى الله ؛ حيث قال : (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) وهم يقولون : لم يعلمه ولكن هو تعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ).
قال أهل التأويل : تعبير الرؤيا (٢) ، ولكن الأحاديث : هي الأنباء ، والتأويل : هو علم العاقبة وعلم ما يئول إليه الأمر ، كأنه قال : علمتني مستقر الأنباء ونهايتها ؛ كقوله ـ تعالى ـ : (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ). والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).
كأنه على النداء والدعاء ؛ ذكر : يا فاطر السموات والأرض ؛ لذلك انتصب.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ).
يشبه أن يكون تأويله : أنت ولى نعمتي في الدنيا والآخرة ؛ كما يقال : فلان ولي نعمة فلان.
ويحتمل : أنت أولى بي في الدنيا والآخرة ، أو أنت ربي وسيدي في الدنيا والآخرة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً).
تمنى ـ عليهالسلام ـ التوفّي على الإسلام ، والإخلاص بالله والإلحاق بالصالحين ؛ فهو ـ والله أعلم ـ وذلك أن الله قد آتاه النهاية في الشرف والمجد في الدنيا دينا ودنيا ؛ لأن نهاية الشرف في الدين هي النبوة والرسالة ، ونهاية الشرف في الدنيا الملك ؛ فأحب أن يكون له في الآخرة مثله ؛ فقال : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) ثم يحتمل سؤاله : أن يلحقه بالصالحين ؛ بكل صالح.
ويحتمل : أنه سأله أن يلحقه بالصالحين ؛ بآبائه وأجداده وبجميع الأنبياء والرسل.
وقوله : (تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) هو ينقض على المعتزلة أيضا ؛ ومن قولهم : [إنه أعطى كل أحد](٣) ليس له ألا يتوفاه مسلما ؛ فيكون في دعائه عابثا ؛ على قولهم.
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) أخرجه بمعناه ابن جرير (٧ / ٣٠٩) (١٩٩٤٦) ، وذكره البغوي (٢ / ٤٥١).
(٣) سقط في ب.