قيل (١) : (صِنْوانٌ) هو النخلتان في أصل واحد ، (وَغَيْرُ صِنْوانٍ) : النخل المتفرق وقيل : الصنوان : ما كان أصله واحدا ؛ وهو متفرق ، (وَغَيْرُ صِنْوانٍ) التي تنبت (٢) وحدها : وقيل : (صِنْوانٌ) : هي النخلة تخرج ؛ فإذا خرجت انشعبت بعد خروج الأصل ؛ فهو الصنوان ، ولهذا (٣) قيل (٤) : «عمّ الرجل صنو أبيه».
(يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ).
أي : يسقي ما ذكر ؛ من الزروع والنخيل والثمار والجنان بماء واحد.
(وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ).
يذكر هذا ـ والله أعلم ـ أن جوهر الأرض كلها واحد ؛ وهي قطع متجاورة ؛ بعضها ببعض ، ثم هي مختلفة في حق الثمار والفواكه ، وكذلك الأشجار والنخيل ؛ كلها من جوهر واحد من جنس واحد ، والأرض في جوهرها واحد وتسقى كلها بماء واحد ؛ ثم يخرج مختلفا في ألوانها وطعومها وطيبها وخبيثها ومناظرها ؛ ليعلم أنها لم تكن بنفسها ؛ ولا بالأسباب التي جعل لها ؛ ولكن بلطف واحد مدبّر عليم حكيم ؛ لأنها لو كانت بأنفسها وطباعها أو بالأسباب ، لكانت كلها واحدة متفقة في طيبها وخبيثها وألوانها وطعومها ؛ فلما لم يكن ما ذكرنا على لون واحد ولا طعم واحد ولا منظر واحد ؛ دل أنه كان بتدبير مدبر واحد ؛ عليم لطيف.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ).
قيل (٥) : في الحمل ؛ بعضها أكثر حملا من بعض ، وبعضها يحمل ؛ وبعضها لا ، ولكن ما ذكرنا في الطيب والخبيث والطعم واللون والمنظر ـ مفضل بعضه على بعض.
وأصله : أن الأرض واحدة متجاورة ؛ متصلة بعضها ببعض ، والماء واحد أيضا ؛ ثم خرجت الثمار والفواكه والزروع والأعناب مختلفة متفرقة ؛ ليعلم أن ذلك ليس هو عمل الأرض ؛ ولا عمل الماء ، ولا عمل الأسباب والطباع ؛ ولكن باللطف من الله ؛ لأنه لو
__________________
(١) قاله البراء ، أخرجه ابن جرير عنه (٢٠٠٨٧ ، ٢٠٠٩٣) وعن ابن عباس (٢٠٠٦٩ ، ٢٠٠٩٤ ، ٢٠٠٩٥) وسعيد بن جبير (٢٠٠٩٧) وغيرهم ، وانظر : الدر المنثور (٤ / ٨٤).
(٢) في ب : نبتت.
(٣) في ب : ولذا.
(٤) هذا القول ورد في حديث مرفوع أخرجه ابن جرير (٢٠١٠٧ ، ٢٠١٠٨) وعبد الرزاق كما في الدر (٤ / ٨٤) عن عمر بن الخطاب أنه كان بينه وبين العباس قول فأسرع إليه العباس ، فجاء عمر إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، ألم تر عباسا فعل بي وفعل؟ فأردت أن أجيبه ، فذكرت مكانه منك ؛ فكففت ، فقال : (يرحمك الله إن عم الرجل صنو أبيه).
(٥) قاله سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير عنه (٢٠١٢٣) وانظر : الدر المنثور (٤ / ٨٤).