ومعناه ـ والله أعلم ـ : أنهم كذبوه من غير أن حفظوا نظمه ، ووعوا لفظه ، ولا أتاهم العلم بعاقبته وآخره.
وقيل : التأويل : هو رد كل شيء إلى أولية الأمر.
وقالت الحكماء : التأويل : آخر كل فعل هو قصد في أوله وقصد كل شيء في أوله هو آخر في فعله ، أو نحوه.
وقال بعضهم (١) : (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) قال : ما وعد الله أن يكون قبل أن يكون.
وقال ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ : تأويل القرآن بما يكون منه في الدنيا ، وبما يكون منه يوم القيامة ، وهو العذاب الذي وعد.
وقال بعضهم : (تَأْوِيلُهُ) : ثوابه.
وقيل (٢) : عاقبته.
وقال الواقدي : لم يأتهم عاقبة بيان ما وعد الله في القرآن في الآخرة من الوعيد.
وأصل التأويل : هو النظر إلى ما تئول عاقبة الأمر.
وقوله ـ عزوجل ـ : (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ، أي : كذلك كذب الأمم السالفة رسلهم ، كما كذب كفار مكة رسولهم ، أي : لست أنت بأول مكذب ، بل كذب من كان قبلك من إخوانك ؛ ليكون له التسلي عما هو فيه من تكذيبهم إياه ، وردهم عليه أنه ينزل بهم ما نزل بأولئك إن هم أقاموا على ما هم عليه.
والثاني : أن يكون الخطاب وإن كان خارجا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فهو راجع إلى قومه يأمرهم بالنظر فيما نزل بالأمم السالفة ، وأن يتأملوا أحوالهم ؛ ليكون ذلك سببا لزجرهم عما هم فيه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) بالتكذيب ، أي : كيف يعاقبون ويعذبون ، والله أعلم.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) قيل (٣) : من أهل مكة من يؤمن بهذا القرآن ، ومنهم من لا يؤمن به ، وهم كذلك كانوا ، منهم من قد آمن به ، ومنهم من لا يؤمن به ، أي : من لم يؤمن به.
ويحتمل على الوعيد فيما يستقبل ، أي : منهم : من أهل مكة من يؤمن بهذا القرآن ، ومنهم من لا يؤمن به ، وهم كذلك كانوا : منهم من قد آمن ، ومنهم من لم يؤمن به.
قال بعضهم : هي في اليهود ، ليست في أهل مكة ، وظاهره أن يكون في كفار مكة ،
__________________
(١) انظر تفسير ابن جرير (٦ / ٥٦٢) والبغوي (٢ / ٣٥٤).
(٢) انظر تفسير غريب القرآن لابن قتيبة (ص / ١٩٧).
(٣) انظر تفسير ابن جرير (٦ / ٥٦٣) والبغوي (٢ / ٣٥٤).