والانتقاض ، أو أحكمت حتى لا يملك أحد التبديل والتغيير ، أو أحكمت عن أن يقع فيها الاختلاف.
وقال بعضهم : أحكمت آياته بالفرائض ، وفصّلت بالثواب والعقاب.
ثم (آياتُهُ) تحتمل وجوها :
أحدها : العبر.
والثاني : الحجج.
والثالث : العلامة.
ثم الآية كل كلمة في القرآن تمت فهي [عبرة أو حجة](١) أو علامة لا تخلو عن أحد هذه الوجوه الثلاثة.
وقوله ـ عزوجل ـ : (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) : من عند حكيم عليم جاءت هذه الآيات.
وقوله ـ عزوجل ـ : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) أي : من الله ينذر من ينذر ومن عنده يبشر من يبشر ؛ يبشر من اتبع وينذر من خالف.
وقوله : (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) في شهادة خلقتكم هو المستحق للعبادة ويحتمل (أَلَّا تَعْبُدُوا) ألّا توحدوا إلا الذي في شهادة خلقتكم وحدانيته.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ) : إن كانت الآية في الكفار فيكون قوله : (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) أي : أسلموا ثم توبوا إليه ، أي : ارجعوا إليه عن كل معصية وكل مأثم تأتونها ، وإن كان في المسلمين فهو ظاهر ، فيكون قوله : استغفروا وتوبوا واحدا.
وقوله ـ عزوجل ـ : (يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً) أي : يمتعكم في الدنيا متاعا تستحسنون في الآخرة ذلك التمتع ، وأمّا الكفار فإنهم لا يستحسنون في الآخرة ما متعوا في الدنيا ؛ لأن تمتعهم في الدنيا للدنيا ، والمؤمن ما يتمتع في الدنيا يتمتع لأمر الآخرة والتزود لها (٢) ،
__________________
(١) في ب : حجة أو عبرة.
(٢) قال المفسرون : يعيشكم عيشا في خفض ودعة وأمن وسعة (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) إلى حين الموت.
فإن قيل : أليس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر». وقال أيضا : «خص البلاء بالأنبياء ، ثم الأولياء ، فالأمثل فالأمثل» ، وقال تعالى : (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ)[الزخرف : ٣٣] ؛ فدلت هذه النصوص على أن نصيب المؤمن المطيع عدم الراحة في الدنيا ، فكيف الجمع بينهما؟
فالجواب من وجوه :
الاول : أن المعنى : لا يعذبهم بعذاب الاستئصال كما استأصل أهل القوة من الكفار. ـ