وقال إبراهيم : أراد مؤاخذة الإثم ، وأما الكفارة فتجب في اللغو ، والأول الظاهر ، وقوله تعالى : (فَكَفَّارَتُهُ) قال إبراهيم : أراد كفارة اللغو ، وقال الأكثر : أراد كفارة ما عقدتم من الأيمان وحنثتم فيه.
وقوله تعالى : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) اختلف في تفسير المعقود ، فقال أهل المذهب وهم القاسمية : المعقودة ـ ما تعلق بالمستقبل ، وهو يمكن البر والحنث فيه ، فهذا فيه الكفارة.
فأما الغموس وهو أن يحلف على أمر يعلمه أو يظن أنه حانث فيه ، وكذا إن شك فليس بمعقودة ؛ لأن الله تعالى قد قال : (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) والمراد بالحفظ أن لا يحنث ؛ إلا أن يكون البقاء على البر معصية على ما سيجيء.
وقال الشافعي : معنى الحفظ أن لا يحلف ، وقال : إن الغموس معقودة ؛ لأنه وثق على نفسه.
وقيل : معنى (وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ) أمر بترك الإكثار من الأيمان.
قال في النهاية : الغموس معقودة ، ولكن أبا حنيفة ، ومالكا يخرجان الكفارة فيهما من عموم الآية بالأخبار ، يعني أنه قد وردت أخبار بعدم وجوب الكفارة ، نحو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خمس لا كفارة فيهن : الشرك بالله ، والعقوق بالوالدين ، وقتل النفس بغير حق ، والبهت على المؤمن ، واليمين الفاجرة التي يقطع بها مال أخيه المسلم».
والناصر يقول : المعقودة ما وثقه بالنية ، فيخرج يمين الهازل ، فإنه لا كفارة فيها ، وهكذا عن الباقر ، والصادق ، وأبي علي ، وأبي هاشم.
والقول بسقوط الكفارة فيها (١) ، هو قول زيد بن علي ، والقاسم ،
__________________
(١) أي : في اليمين الغموس.